للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر بنا بعدك، يشيرُ إلى كائنةٍ اتَّفقت له في قيامه في المنع مِنْ قتل الكيماوي الذي كان ينتسِبُ إلى الشرف، معارضًا للسلطان، وقيام الفاضل شمس الدين الدسطي المالكي بمعاونة أبي الفضل البجائي المغربي في اتِّباع عَرَضِ السُّلطان، ليتوصَّلا بذلك إلى غرضهما مِنْ ولايةِ المنصب، وغير ذلك، حتى قُتِلَ المشارُ إليه بعد أن عُقِدَ مجلسٌ حافلٌ بسبب ذلكَ، وجاهر كلٌّ مِنَ المذكورين ابن التِّنسي بمكروه، فما احتمل ذلَك، وقام بعدَ انفضاضِ المجلسِ متوجِّهًا لقبرِ صاحب التَّرجمة، وفعلَ ما قدَّمتُه، وأفضى به الحال مِنْ شدَّة القهر إلى أن مات عَنْ قربٍ، وما كان مقصدُه في ذلك إلا جميلًا، فقد كان متثبِّتًا في الدِّماء، بل وفي سائر الأحكام.

وأما مَنْ عارضه، فانعكس مقصودُهما، ومُقِتَا عندَ الخاصَّةِ والعامَّةِ، وتشتَّتَ شملُهما، واستمرا في انخفاضٍ حتى ماتا.

وكان بعد موت البدر المذكور، توهَّم البجائي حصولُ المنصب، فقام نظامُ المملكة في استقرار القاضي وليِّ الدين السُّنباطي، وحَمَدَ المسلمون ذلك، كما حمدوا ولاية القاضي حسام الدين ابن حريز بالنسبة لمن رَفَعَ رأسه لها بعد موت السُّنباطي المذكور، كالبجائي أيضًا وغيره، لما لا يخفى مِنْ سيرة كلٍّ وسريرته، فسبحانَ الفعَّال لما يريد.

وما كنتُ أحِبُّ إثباتَ شيء مِنْ ذلك، إلا أنِّي لا آمَنُ حكايةَ الأمورِ على غير جليتها، خصوصًا مِنْ بعض مَنْ ينتسِبُ إلى صاحب الترجمة وإلى البجائي، فأحبَبْتُ الإشارةَ إلى ما لعلَّه يُفْهَمُ منه المقصود.

وبالجملة، فقد رأينا غيرَ واحدٍ ممَّن آذى صاحبَ الترجمة أو عارضه، أو تعرَّض لنقصه أو صرَّح بالوقيعة فيه، أو غير ذلك ممَّا الحاملُ على أكثرِه الحسدُ واتِّباعُ هوى النَّفس، مئه مِنْ أنواعِ العُقوبات والمِحَنِ ما لا يُعَبَّرُ عنه حتى بإدخال المقشرة، بل ونثر الأسنان أيضًا، مما يتشدَّق في حقِّه بفيه، بحيث لا يُقال له: أجدت لا يَفْضُضِ اللَّه فاك، لكن أغضينا عَنْ تفاصيل أحوالهم، مشيًا على سُنَّتِه، وما أحسنَ قولِ القائل: