للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنجِّم، وقال له بصوتٍ مرتفع: صدق (١)، هذا كفر.

وجاء مرَّة مجلس الإملاء، فوجد شخصًا مِنَ الجماعة قد آذى بعضَ الفضلاء، لكونه جلس فوقه، بحيثُ حكى لي مَنْ أثِقُ به أنَّه برك عليه والخنجرُ في كمِّه، وكان بينهما ما لا يليقُ ذكرُه، فانزعج لذلك، حتى إنَّه لم يؤدِّ مجلسَ الإملاء كعادته (٢)، وقال: خرجَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليخبرَ بليلةِ القدر، فتلاحى رجُلان، فرُفِعت. الحديث.

والحكايةُ منتشرةٌ بين أصحابنا مَع أشياءَ مِنْ هذا النَّمط وقعت لهذا المُهمَلِ، أظرَفها أنَّه خرجَ ليلةً مِنْ مجلس صاحب الترجمة بعدَ العشاء هو وصاحبنا الشَّيخ السُّنباطي والشَّيخ تقي الدين القلقشندي، فمشى السُّنباطي بجانبه، وكان المشارُ إليه بالجانب الآخر، بحيثُ صار التَّقي في الوسط، فتغيَّظ على السُّنباطي، وقال: لِمَ لَمْ تمش بجانبي حتى أكون في الوسط، إلى غير ذلك ممَّا له غيرُ هذا المحل، نسأل اللَّه التوفيق.

وأما حسن سياسته ومداراته، فلا يُلْحَقُ في ذلك.

وأما صبرُه على مَنْ تعرَّض له مِنَ الحوادث البدنيَّة والمالية، وعدم إعلامه بذلك كبيرَ أحدٍ، فغير خفيٍّ.

وسمعتُ بعضَ خدَّامه يحكي -واللَّه أعلمُ بصحَّته- أنَّه بينا هو راكبٌ في بعض توجُّهاته، إذ أحس بشيءٍ مِنْ داخل خُفِّه، بحيث صار يتضوَّرُ، لكن وهو صابرٌ لا يتكلَّم، إلى أن رجَعَ، فوجدوا ذلك عقربًا، وكانتِ السَّلامة على غيرِ القياس.

قلت: وقد حكى صاحبُ "الشِّفا" عن عبد اللَّه بن المبارك: قال: كنتُ عند مالكٍ رحمه اللَّه وهو يحدِّثُنا، فلدَغَتْه عقربٌ ستَّ عشرة مرة، وهو يتغيَّر لونُه ويصفرُّ، ولا يقطَعُ حديثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمَّا فرغ مِنَ المجلس،


(١) ساقطة مِنْ (ب).
(٢) في (ب): "على عادته".