لكن لأكثر فقرات الحديث شواهد ثابتة، بل وقد توبع عليها ابن جدعان أيضًا، وسيأتى بعضها [برقم ١٢١٢، ١٢١٣]، لكن بعض فقراته لا تصح. وشواهدها واهية. وقد أطنب الحافظ في تتبع شواهده التى صحت والتى لم تصح مع الكلام عليها في "أماليه المطلقة" [ص ١٧٠ حتى ١٩٤]، وأجاد كعادته. لكنه أغرب، فقال بعد أن ساق الحديث بطوله [ص ١٧٠]، من طريق ابن جدعان بإسناده به .... "وعلى بن زيد وإن كان فيه ضعف لاختلاطه، لكن شاقه لهذا الحديث. بطوله يدل على أنه ضبطه .. ". قلتُ: أما إشارته إلى أن ضعف ابن جدعان إنما هو لاختلاطه، فليس بجيد. وإلا فليعامله معاملة عطاء بن السائب وسعيد الجريرى وأبى إسحاق السبيعى وغيرهم من المختلطين. والحق: أن الرجل كان سيئ الحفظ منذ ظهور نجمه في سماء التحديث، ثم داهمته آفة الاختلاط في آخر عمره - كما يقول ابن قانع - فجعلت الرجل يحدث بمناكير لا تُطاق، حتى تركه جماعة من أجلها. على أن ابن معين كان ينكر اختلاطه أصلًا ويقول: "ما اختلط" ولولا أن بعض الأجلَّة قد روى عنه لانطفأ سراجه منذ القدم، ومناكيره وأفراداته وغرائبه وعجائبه فمما تحتاج إلى مجلد وسط. أما قول الحافظ: "لكن سياقه لهذا الحديث بطوله يدل على ضبطه" فهناك من سبقه إلى هذا في الضعفاء مطلقًا، وهو على إطلاقه تساهل قبيح، وقد شرحنا ذلك في غير هذا المكان. ولو عكس أحد قول الحافظ الماضى لكان أقرب إن شاء الله، وللكلام بقية. فاللَّه المستعان.