إذا عرفت هذا: فاعلم: أن هذا الإسناد - (محمد بن مرزوق عن زاجر بن الصلت عن الحارث بن عمر عن شداد أبى طلحة) - هو إسناد ضعيف معضل، وقد مضى أن ابن مرزوق وابن الصلت صدوقان. والحارث شيخ مجهول كما قال أبو حاتم، وقد خولف الحارث فيه: خالفه مسلم بن إبراهيم - الثقة المأمون - فرواه عن شداد فجوَّده؛ فقال: عن سعيد بن إياس الجريرى عن أبى نضرة عن ابن عباس به مثله إلا شطره فإنما هو بلفظ: "من حفظ فرجه فله الجنة" هكذا أخرجه الحاكم [٤/ ٣٩٨]، والطبرانى في "الكبير" [١٢/ رقم ١٢٧٧٦]، وفى "الأوسط" [برقم ٦٨٥٠]، والبيهقى في "الشعب" [٤/ رقم ٥٣٦٩]، وابن أبى عاصم في "السنة" [رقم ١٥٣٤]، وأبو نعيم في "الحلية" [٣/ ١٠٠]، وغيرهم، من طرق عن مسلم بن إبراهيم به ... قلتُ: ومن طريق مسلم أخرجه البخارى في "تاريخه" [٤/ ٢٢٧]، بشطره الأخير فقط. قال الطبراني بعد روايته: "لم يرو هذا الحديث عن الجريرى! لا شداد، تفرد به: مسلم، ولا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد". قلتُ: هكذا قال الطبراني، فتعقبه المحدث الحوينى في "تنبيه الهاجد" [رقم ١٢٧]، قائلًا: "قلتُ: رضى الله عنك، فلم يتفرد به مسلم، بل تابعه سعيد بن سليمان ثنا شداد بن سعيد مثله ... أخرجه البيهقى في "الشعب" [٥٤٢٥ - طبعة بيروت]، من طريق أبى زرعة ثنا سعيد بن سليمان بسنده سواء ... ". قلتُ: وقد سبقه شيخه الإمام الألبانى إلى تعقب الطبراني في "الصحيحة" [٦/ ٤٤٠]، قائلًا: "كلا، فقد تابعه سعيد بن سليمان ... ". وأقول: وهذا تسرع من الشيخ الإمام وتلميذه، وغفلة عن كون هذه المتابعة لا تصح أصلًا، فقد أخرجها البيهقى في "الشعب" [٤/ رقم ٥٤٢٥/ الطبعة العلمية] من طريق أبى عبد الرحمن السلمى عن أبى جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازى ثنا أبو زرعة، ثنا سعيد بن سليمان بإسناده ... =