الأول: أن المعلق على "تهذيب الكمال" [٢٩/ ٣٣]، قد طعن في تلك الرواية من أصلها، فقال: "محمد بن عثمان متهم، ولا يحتج بهذا القول إذا لم يتابعه عليه أحد". قلتُ: محمد بن عثمان هو أبو جعفر بن أبى شيبة حافظ مشهور، تكلموا فيه. حتى روى تكذيبه عن بعضهم، والتحقيق بشأنه: أنه حافظ صدوق لا بأس به. وتلك الطعون فيه مبهمة إن صح أكثرها، وقد وثقه جماعة. وتمام الذبِّ عنه تجده في "التنكيل" [٢/ ١٥٣، ١٥٤]، وفى حاشيتنا عليه: "المحارب الكفيل"، وإنما ذكرته هنا لأنصفه. والثانى: أن تلك المقولة الماضية عن يحيى بن معين جاء نحوها عن ابن المدينى من رواية محمد بن عثمان أيضًا، فيبدو لى أن (على) قد تصحف عند العقيلى إلى (يحيى) أو لعله وهْم من الناسخ أو غيره، فقد قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة في "سؤالاته لابن المدينى" [ص ١٦٠]: "وسألتُ عليّا عن موسى بن أيوب الغافقى فقال: كان ثقة، وأنا أنكر من أحاديثه أحاديث رواها عن عمه فكان يرفعها ... ". قلتُ: أما توثيقه لموسى فتلك فائدة أخرى تحسب مع أخواتها في رصيد موسى بن أيوب، فهو ثقة عند ابن المدينى، لكنه كان ينكر عليه بعضًا من أحاديثه كان موسى يهم في رفعها، وماذا في هذا من الجرح؟! غاية ما في الأمر أن موسى ثقة ربما أخطأ، وحديثه عن عمه مقبول أبدًا ما لم يظهر لنا بالبرهان والقرائن خطؤه فيه. وعبارة ابن المدينى الماضية تكاد أن تكون نفسها تلك العبارة التى نقلها العقيلى في "الضعفاء" من طريق محمد بن عثمان ونسبها ليحيى بن معين، وقد تصرف الحافظ فيها عندما نقلها في "التهذيب" [١٠/ ٣٣٦]، فقال: "وذكره العقيلى في "الضعفاء"، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال فيه: "منكر الحديث" وهذا تصرف سيئ كان الحافظ ينقمه على الذهبى في مواضع من "اللسان". =