ولو صحَّ ذلك عن ابن معين. فلعله يريد به مطلق التفرد كما كان يطلقه شيخه يحيى القطان وصاحبه أحمد أحيانًا: لكن نقل الحافظ في "تهذيبه" عن الساجى أنه قال تلك المقولة أيضًا في (موسى بن أيوب) فلا بأس من اعتبارها. فنقول: الجمع بين كلام النقاد هنا يقتضى أن يكون موسى ليس بالثقة الثبت، ولا بالشيخ الضعيف بل هو بين صدوق وسط، صالح لا بأس به. ونحو ذلك أما أن نهجره بمرة بقول الساجى فيه، ونترك توثيق أبى داود وابن معين وابن المدينى وعبد الله بن يزيد المقرئ وابن حبان والعجلى والذهبى وهؤلاء، فليس هذا تصرف من شمَّ قوانين هذا العلم ولا مرة في حياته، والمقام يحتاج الإطالة، ويكفى ما ذكرناه. وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في "غرس الأشجار"، واللَّه المستعان. • تنبيه: روى أبو داود هذا الحديث كما مضى [رقم ٨٦٩]، ثم روى عقبه من طريق الليث بن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى بن أيوب، عن رجل من قومه، عن عقبة بن عامر بمعناه، وزاد: (قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: سبحان ربى العظيم وجمده ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربى الأعلى وبحمده ثلاثًا .. ) وهكذا أخرجه البيهقى من طريق أبى داود [٢٣٨٨]، ومثله عند الطبراني في "الكبير" [١٧/ رقم ٨٩٠] من طريق آخر عن الليث، به ... نحوه بتلك الزيادة. لكنه لم يذكر شك الليث في اسم شيخه، قال أبو داود عقب روايته: "وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة". قلتُ: إن كان الليث حفظه؛ فالإسناد حسن كما مضى شرحه. وقوله: (عن رجل من قومه) ليس بعلَّة؛ لأن ذلك الرجل هو (إياس بن عامر) كما بينته الروايات الأخرى عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر ... ولعل ارتياب أبى داود في تلك الزيادة، مردُّه إلى أن الليث لم يضبط سنده كما مضى؛ فخشى أبو داود أن لا يكون قد ضبط متنه أيضًا، فدخل له حديث في حديث؛ لأن ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ ويحيى بن يعلى وابن وهب وابن لهيعة وغيرهم قد رووا هذا الحديث عن موسى بن أيوب بإسناده به .. فلم يذكروا فيه تلك الزيادة، فأشبه أن لا تكون محفوظة من رواية موسى، وقد وردت تلك الزيادة في أحاديث أخر لا تسلم أسانيدها من مقال، لكن أصلها =