إذا عرفت هذا: فقد نقل الترمذى عن البخارى أنه قال: "محمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع" فالإسناد منقطع، ثم من يكون عبد الرحمن بن يربوع هذا؟! لقد اضطُرب في اسم هذا الرجل اضطراب غريب، فتارة يقولون: "عبد الرحمن بن يربوع". وتارة يقولون: "عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع". وتارة يقولون: "سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع". أما اللون الأخير: فقد صرح جماعة منهم: ابن سعد والدارقطنى بكونه مقلوبًا وأن صوابه "عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع". وأقول: فيبقى الإشكال قائمًا في تعيين شيخ ابن المنكدر في هذا الحديث!! هل هو "عبد الرحمن بن يربوع؟! "، أم "عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع؟! ". فإن كان الأول: فهو مجهول الحال؛ لم يرو عنه سوى ابن المنكدر وعطاء بن يسار فقط، وقد أورده الذهبى في "الميزان". وإن كان هو الثاني فالإسناد منقطع مرة ثانية، إذ لا تعرف له رواية عن أبى بكر أصلًا. بل الظاهر أنه لم يدركه كما تعلم ذلك من ترجمته. ثم وجدتُ المعلق على تهذيب الكمال [١٧/ ٥٨٢]، قد بحث بحثًا طيبًا حول تحرير ما نحن بصدده هنا، وانتهى فيه إلى أمورٍ جيدة، لكنه قال: " ..... يظهر لنا: أن عبد الرحمن بن يربوع هو عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع نُسب في هذه الرواية إلى جده". قلتُ: وقد كدتُ أجزم بذلك؛ لولا أن الحافظ البزار قد جزم في "مسنده" بكون عبد الرحمن بن يربوع قد أدرك الجاهلية، ومعلوم أن الآخر: "عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع" لم يدرك أبا بكر فضلًا عن أهل الجاهلية الأولى؟! فهذا إشكال عقيم، نعم: إن فلنا بأن البزار وهم في هذا، فالصواب أنهما واحد، ثم ظنهر لى: أن ذلك لا يكون أيضًا؛ لأجل الإسناد الآتى. [رقم/ ١١٨]، وفيه رواية عطاء بن يسار - وهو تابعى كببر - عن عبد الرحمن بن يربوع، ولست أنشط الآن للخوض في غمار تحرير تلك القضية؛ وإن كنتُ أميل إلى كونهما رجلين اثنين. • وبالجملة: فللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بأسانيد تالفة! وأمثلها: حديث ابن مسعود الذي يرويه أبو حنيفة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن مسعود به مرفوعًا. وهو إسناد لا يصح أيضًا، فقد اضطرب فيه أبو حنيفة على ألوان، وقد أخرجه المؤلف [برقم/ ٥٠٨٦]، وسيأتى الكلام عليه هناك. والله المستعان.