ولم نجد لأحد من هؤلاء ترجمة البتة، وإنما الوجود عندهم هو (سفيان بن عبد الله بن محمد بن زياد بن حدير) فهذا هو الذي ترجمه البخارى وابن أبى حاتم وابن حبان، وذكروا رواية جرير عنه، وكذا الثورى، زاد ابن حبان: (والكوفيون)، يعنى أن الكوفيين قد رووا عنه، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا سوى ابن حبان، فإن كان هذا الرجل هو شيخ جرير في هذا الحديث، فلا أعلم أحدًا ممن تكلم عليه قد ذكر اسمه هكذا، اللَّهم إلا الدارقطنى وحده، إنْ تغاضينا عما وقع في كلامه من تصحيف. والذى عندى في هذا كله: أن عثمان بن أبى شيبة هو صاحب تلك الإشكالات جميعًا، وقد كان عثمان آية يضرب بها المثل في التصحيف والتحريف، وله في ذلك أخبار وحكايات ونوادر ذكر بعضها الدارقطنى في كتابه "التصحيف وأخبار المصحفين" وجماعة من رواة الأدب والأسمار، فمثله لا يبعد عنه الإتيان في اسم راوٍ بخمسة أقوال، وهذا شاهد على كونه ما حفظ إسناد الحديث ولا ضبطه، بل كان يضطرب فيه على تلك الوجوه كلها. ولا يعكر على هذا قول عبد الله بن أحمد في "العلل" عن هذا الحديث: "وإنما كان يحدث به جرير عن سفيان عن عبد الله بن حدير [بالأصل: (جرير) وهو تصحيف بلا تردد] بن زياد القمى مرسلًا" ففيه ما يدل على أن هناك من رواه على هذا الوجه عن جرير دون عثمان؛ لأنا نقول: لم يذكر لنا عبد الله من رواه عن جرير هكذا، وقد يكون سمعه في المذاكرة ممن سمعه من عثمان عن جرير، وإن لم يصرح له من سمعه منه بكونه سمعه من عثمان. وقد يكون عثمان قد اضطرب فيه على ألوان كثيرة غير ما سبق، فلما اشتهرت بين النقلة وصل هذا الوجه الماضى، سمع عبد الله بن أحمد، فظن أن بعضهم رواه عن جرير هكذا، فقال على الاحتمال: "وإنما كان يحدث به جرير عن سفيان ... " ولفظه يقرب من هذا. فإن صح ذلك - على ما فيه من التكلف - سلم لنا ما ادعيناه من كون الاضطراب في الحديث وصلًا وإرسالًا وغير ذلك، مع الاختلاف في ضبط اسم شيخ جرير، إنما هو من عثمان بن أبى=