قلتُ: وهذا طريف، وكأنه اقتضب هذا الكلام من الحافظ ابن كثير في تفسيره [٢/ ١٢٥ دار طيبة]، فإنه قال بعد أن أورد الحديث: "وقول على بن المدينى والترمذى: ليس إسناد هذا الحديث بذاك؛ فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبى بكر، ولكن جهالة مثله لا تضر؛ لأنه تابعى كبير! ويكفيه نسبته إلى أبى بكر، فهو حديث حسن! والله أعلم". كذا قال، وقد تعقبه المحدث الحوينى في "النافلة" [رقم/ ٤٩] فقال: "فهذا كلام غريب، ويتعجب أن يصدر من مثل الحافظ ابن كثير؛ لأنه مخالف لأصول أهل الحديث: من أن مجهول الحال لا تثبت بخبره حجة فضلًا عن مجهول العين. ومولى أبى بكر - رضى الله عنه - لا يُعرف من هو أصلًا، ونسبته لأبى بكر لا تنفعه، وإن تجوَّز الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في هذا خلافًا للقاعدة". وقبله تعقبه الإمام الألبانى في "ضعيف أبى داود/ الأم" [٢/ ٩٧/ طبعة دار غراس، قائلا: "كذا قال! وما أرى له وجْهًا من القبول؛ لأن الرجل مجهول العين، أما لو كان مجهول الحال، وقد روى عنه جمع من الثقات، ولم يظهر له حديث منكر؛ فنعم". والأمر كما قالا. ثم رأيت العلامة ابن مفلح قد أغرب هو الآخر، فأورد الحديث في "الآداب الشرعية" [١/ ١١٨/ طبعة الرسالة، ثم قال: "قال الرمذى: "وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ" كَذَا قَالَ التِّرْمذيُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ! وَمَوْلَى أبِى بَكْرٍ لَمْ يُسَمَّ، وَالمُتَقَدِّمُونَ حَالُهُمْ حَسَنٌ! ". =