١ - أبو الزبير رماه النسائي وغيره بالتدليس. وهى تهمة ثابتة مهما حاول بعضهم درأها عنه، وقد توسعنا في شرح ذلك بغير هذا المكان. نعم: هو مكثر عن جابر. ويرى الذهبي - وقبله الحميدي - أن المدلس إذا أكثر عن شيخ ثم عنعن عنه؛ حُملت عنعنته على السماع ما لم يظهر خلاف ذلك. وهذا مذهب قوى عندى، لكن يمنع من تطبيق تلك القاعدة على أبي الزبير عن جابر، مانع متين، سنذكره عقب تخريجنا للحديث [رقم/ ١٧٦٩]، إن شاء ما لم نَنْس. ولم يذكر أبو الزبير سماعه في هذا الحديث من جابر. ٢ - والأجلح الكندي: شيخ مختلف فيه، والتحقيق أنه ضعيف سيئ الحفظ كما تيقنت ذلك بممارسة مروياته. وهذا الحديث دليل على ذلك كما ستراه الآن. وقد خولف فيه كما يأتي. ٣ - مالك بن سعير صدوق صاحب مناكير. وقد خولف مالك في إسناده: خالفه محمد بن فضيل - الإمام الثقة - فرواه عن الأجلح فقال: عن أبي الزبير عن جابر به مرفوعًا ... ولم يذكر فيه عمر هكذا أخرجه الدارقطني في "سننه" [٢/ ٢٤٦]. تابعه على هذا الوجه: أبو مريم: عند الدارقطني أيضًا [٢/ ٢٤٧]. وتابعهما: زياد بن عبيد الله: عند البيهقي في "سننه" [٩٦٦٠]. وقد خولف الأجلح في إسناده هو الآخر؛ خالفه مالك بن أنس - الجبل الراسخ - فرواه عن أبي الزبير عن جابر عن عمر به نحوه موقوفًا. هكذا أخرجه في الموطأ [٢/ رقم ٥٠٢/ رواية الشيباني]، وعنه الشافعي [رقم/ ١١٠٥]، ومن طريقه البيهقي في "سننه" [رقم/ ٩٦٥٩]، من طريق مالك به. وهذا الوجه: هو المحفوظ موقوفًا. قال البيهقي: "وكذلك رواه أيوب السختياني وسفيان الثوري وسفيان ابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم عن أبي الزبير". قلتُ: يعنى كلهم رووه على الوجه الماضي عنه به موقوفًا. وتابعهم: معمر عند عبد الرزاق [٨٢٢٤]. وابن عون: عند ابن أبي شيبة [١٥٦١٨]. ورواية الليث: أخرجها البيهقي [٩٦٦٥]. ورواية أيوب: عنده أيضًا [٩٦٦٨]. وقد نقل الحافظ في "التلخيص" [٢/ ٢٧٨]، عن الدارقطني أنه صحَّح الحديث موقوفًا. وقد رأيت ابن كثير قد ساق الحديث من طريق المؤلف في كتابه "مسند الفاروق" [١/ ٣٥٨ - ٣٥٩]: وقال: "رواه الأجلح بن عبد الله الكندي، وفيه ضعف، عن أبي الزبير، مع أنه شك في رفعه،". ثم ساق الموقوف من طريق مالك وقال عقبه: "وهذا هو الصحيح موقوف".