هكذا أخرجه عبد الرزاق [٢٤٩١]، وابن أبي شيبة [٦٤٦٧]، وكأن هذا الأشبه، وهو ضعيف على كل حال. وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس لا يصح منها شيء أصلًا، بل جزم أبو داود وابن المنذر بكونها واهية، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة معلولة أيضًا كما بسطنا الكلام على كل ذلك في "غرس الأشجار". نعم: أخرجه الطبراني في "الأوسط" [٥/ رقم ٥٢٤٦]، من طريق محمد بن المضل السفطى عن سهل بن صالح الأنطاكي عن شجاع بن الوليد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة به مرفوعًا مثل لفظ المؤلف. قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الجودة، رجاله كلهم معروفون مقبولون؛ شيخ الطبراني وثقه الخطيب في "تاريخه" [٣/ ١٥٣]، وقال الدارقطني: "صدوق" كما في سؤالات الحاكم له [ص ١٤٥/ رقم ١٩٧]. وسهل بن صالح ثقة صالح من رجال "التهذيب" وشجاع بن الوليد هو الحافظ الفقيه الثقة المشهور؛ وفيه كلام يسير؛ فهو وإن ضعفه أبو حاتم الرازى - وتشدده معلوم - فإنه قال: "إلا أن عنده عن محمد بن عمرو بن علقمة أحاديث صحاح" كما في "الجرح والتعديل" [٤/ ٣٧٨]، وهذا الحديث من روايته عن محمد بن عمرو؛ فلم يبق إلا محمد بن عمرو. وبه أعله الهيثمى في "المجمع" [٢/ ٢٠٢]، فقال: "واختلف في الاحتجاج به"، والصواب بشأنه: أنه حسن الحديث ما لم يخالف، ومن حاول توهينه في أبي سلمة خاصة، فلم يفعل شيئًا، كما أوضحناه في غير هذا المكان. ثم رأيت الحافظ قد وهى هذا الإسناد في "الفتح" [١/ ٤٨٥]، وأحوال رجاله الماضية لا تساعده على ذلك أصلًا، ولو ضعف إسناده كما فعل صاحبه العينى في "العمدة" [٤/ ١١٤]، لكان عذره في ذلك أوضح مع الرفض أيضًا، فالظاهر هو القول بتحسين هذا الإسناد الماضى كما جزم بذلك الإمام في "الإرواء" [٢/ ٩٦]. لكن في القلب منه شيء، وأخشى أن يكون متنه قد انقلب على بعضهم، فإن الحديث بهذا الإسناد غريب في ذوقى؟! لكنى لست ابن المدينى حتى أجزم بذلك هنا، =