قلتُ: قال الإمام في "الصحيحة" [٢/ ١٩٢]: "هذا إسناد رجاله ثقات معروفون من الطائي فصاعدًا؛ وأما حيان بن بشر فذكره ابن أبي حاتم [١/ ٢٤٨]، من رواية عمر بن شبة النميرى عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا". قلتُ: هذا من أوهام الإمام، بل حيان بن بشر المترجم في "الجرح والتعديل"، وكذا في "تاريخ بغداد" [٨/ ٢٨٤]، و"طبقات أبي الشيخ" [٢/ ١٢٨]، وغيرها، متقدم الطبقة عن (حيان بن بشر) رواى هذا الحديث عن أحمد بن حرب، وإنما صاحبنا هو (حيان بن بشر بن مخارق بن شبيب بن بشر قاضى المصيصة، حدث عن أحمد بن حرب الطائي ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، روى عنه أبو الفوارس أحمد بن عليّ المصيصي، وأبو الفضل الشيباني، ومحمد بن أحمد بن جميع الصيداوي). هكذا ترجمه الخطيب في "المتفق والمفترق" [١/ ٢١/ رقم ٤٢٩]، ثم ساق له هذا الحديث؛ ولم يزد على ذلك شيئًا، فهو مستور الحال، ثم قال الإمام الألبانى: "وأما أحمد بن على أبو الفوارس فلم أجد له ترجمة فيما لدى من المراجع؛ وأغلب الظن أنه في "تاريخ ابن عساكر" ولست أطوله الآن". قلتُ: ولم أهتد إليه أنا في "تاريخ ابن عساكر"، ولا في غيره، وما أظنه إلا مثل الراوى عنه في غياب الحال، وبمثل هذا لا يثبت هذا الإسناد إلى أحمد بن حرب أصلًا، وقد رأيت الخطيب قد غمز في ثبوته، فقال عقب روايته: "هذا غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر، ومن حديث ابن عيينة عن عمرو، ولا أعلم رواه إلا أحمد بن حرب من هذا الطريق إن كان محفوظًا عنه". فتأمل قوله: "إن كان محفوظًا عنه" ثم لو سلمنا بصحة الطريق إلى أحمد بن حرب؛ لكان ذلك من أوهام ابن حرب على ابن عيينة، كأنه قد سلك فيه الطريق، فابن حرب وإن كان صدوقًا إلا أنه لا يحتمل مخالفة الحميدى - وهو أثبت الناس في ابن عيينة - وزهير بن حرب وسعيد بن منصور وعليّ بن حرب، وكلهم رووه عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس به مرسلًا كما مضى. =