والثانى: أن الحديث لم ينفرد به أنس؛ بل روى عن غيره أيضًا، فأخرج البزار [٢٧٧٠/ كشف]، والطبرانى في "الكبير" [٧/ رقم ٧٠٩٨]، من طريقين عن جعفر بن سعد بن سمرة عن خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن سمرة بن جندب قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لنا! يوشك أن تكونوا في الناس كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح). قلتُ: قال الهيثمى في "المجمع" [٩/ ٧٣٩]: "رواه البزار والطبرانى، وإسناد الطبراني حسن". قلتُ: هكذا يتساهل الهيثمى، وجعفر بن سعد وشيخه وشيخ شيخه، ثلاثتهم مجهولو الصفة، وعنهم يقول ابن القطان الفاسى: "ما من هؤلاء من يُعرف حاله، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يروى به جملة أحاديث، قد ذكر منها البزار نحو المئة" نقله عنه الحافظ في "التهذيب" [٢/ ٩٤]. بل جعفر قد ضعفه عبد الحق الإشبيلى وابن عبد البر أيضًا، وقال عبد الحق عن شيخه: "خبيب بن سليمان ليس بالقوى" كما في "التهذيب" [٣/ ١٣٥]، ولا ينفعهم ذكر ابن حبان لهم في "الثقات" أصلًا، لكونه ما عرف عنهم سوى أسمائهم. والمحفوظ في هذا الباب هو حديث ابن عباس عند البخارى [٣٥٨٩]، وجماعة مرفوعًا ... وفيه: (أيها الناس؛ فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام ... ). ٢٧٦٣ - صحيح دون قوله: (حافيًا): هذا إسناد لا يصح، وفيه علتان: ١ - سويد بن سعيد تغير بأخرة لما عمى حتى صار يتلقن، ولم يخرج له مسلم إلا ما تابعه الثقات عليه. ٢ - وإسماعيل هو ابن مسلم المكى الضعيف المشهور، لكنه لم ينفرد به عن الحسن، بل تابعه عليه محمد بن جحادة الأودى به نحوه دون قوله: (حافيًا) وقوله: (فركبها). أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [٥/ ٦٤]، و [٧/ ٢٢٥]، قال: "حدثنا محمد بن عمر بن غالب، ثنا محمد بن أحمد بن المؤمل، ثنا محمد بن عوف، ثنا كثير بن عبيد، ثنا وكيع عن مسعر عن محمد بن جحادة عن الحسن عن أنس به ... ". =