للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأما الطريق الثالث: فأخرجه ابن خزيمة [٢٣٣٥]، والبيهقى في "سننه" [٧٠٧٣]، بإسناد صحيح عن يزيد بن أبى حبيب عن سنان بن سعد الكندى عن أنس بشطره الأول فقط، وزاد: (والمعتدى في الصدقة كمانعها).
قلتُ: وهذا إسناد منكر، وسنان بن سعد مختلف فيه، والراجح ضعفه فيما ينفرد به، وقد جزم النسائي وابن سعد وغيرهما بكونه كان منكر الحديث، وكان قد اختلط أيضا كما قاله ابن معين، وكان الإمام أحمد لا يكتب حديثه البتة، ويقول: "تركت حديثه؛ لأن حديثها مضطرب غير محفوظ" وقال في موضع آخر: "يشبه حديثه حديث الحسن، لا يشبه حديثه أنس" ومثله قال الجوزجانى وزاد:، "أحاديثه واهية".
قلتُ: فيشبه أن يكون سنان قد سمع هذا الحديث من الحسن البصرى مرسلًا؛ ثم وصله بعد ذلك عن أنس به ...
ويؤيده: أن هذا الحديث قد روى من طرق عن الحسن البصرى مرسلًا؛ فهو مشهور عنه؛ فكأن سنانًا بعد اختلاطه ما درى أن الحديث حديث الحسن مرسلًا، فلجَّ به التخليط حتى ظن أنه سمعه من أنس نفسه، فصار يرويه عنه كما مضى؛ وكان أئمة النقد لا يلتفتون لهذا؛ لعلمهم بحال سنان؛ ولكون هذه الأحاديث التى يرويها سنان "عن أنس؛ لا تعرف من رواية أنس أصلًا، ولا رواها عنه مشاهير أصحابه؛ وإنما هي بأحاديث الحسن البصرى أشبه وأشهر.
وأما الطريق الرابع: فما أخرجه الطحاوى في "المشكل" [٩/ ١٨١]، بإسناد صحيح إلى حماد بن سلمة قال: أخبرنى رجل من ولد أبى بكرة قال: سمعت أنس بن مالك ... وذكره ... ، وأخرجه الخلال في "السنة" [عقب ١٢٥١]، من طريق آخر عن حماد إلا أنه قال: أخبرنى من سمع أنس بن مالك ... وذكره.
وهذا طريق معلول أيضًا، لجهالة هذا الرجل البكرى عينًا ووصفًّا، أو لجهالة من سمعه حماد يحدث به عن أنس، ولعله نفسه هذا الرجل الذي من ولد أبى بكرة، للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة منهم على وأبو هريرة وعبادة بن الصامت وثوبان وغيرهم، وكلها مناكير على التحقيق.
وأفضل ما في الباب هو حديث أنس بن مالك، وقد رأيت ما في طرقه من الاختلال والاعتلال، وقد نقل المناوى في "الفيض" [٦/ ٣٨١]، عن الذهبى أنه قوَّى الطريق الأول عن أنس، وتعقبه بكلام الهيثمى والعلائى في إعلاله بأبى هلال الراسبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>