قلتُ: ويعكِّر على هذا الاحتمال كون أنس قد صرح بسماعه هذا الحديث من معاذ في رواية همام عن قتادة عند أحمد [٥/ ٢٣٠، ٢٤٢]، وغيره، وهكذا رواه الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن أنسٍ قال: (أتينا معاذ بن جبل فقلنا: حدّثنا من غرائب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم .... ) ثم ساق الحديث نحو رواية همام. أخرجه أحمد [٥/ ٢٢٨]، وابن منده في "الإيمان" [١/ ٢٤١]، والطبراني في "الكبير" [٢٠/ رقم ٨٧، ٨٨]، و [رقم ٨٣، ٨٤، ٨٥، ٨٦]، وسنده صحيح إلى الأعمش. ورواه سلمة بن وردان عن أنس به نحوه ... وصرح بسماع أنس له من معاذ أيضًا؛ لكنه خالف في متنه، وأتى فيه بما أنكره عليه ابن خزيمة في "التوحيد" [٢/ ٧٩٠، ٧٩٥، ٧٩٨]. وسلمة حديثه عن أنس مناكير كما قال الحاكم، وقد ضعفه أحمد وجماعة، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله"؛ فالعمدة على رواية همام عن قتادة، وكذا رواية أبي سفيان عن أنس كما تقدم ... ويبدو أن الحافظ قد استظهر ضعف ما أبداه من ذلك الاحتمال الماضي آنفًا؛ فجنح - للخروج من هذا الإشكال - إلى التعدد، فقال في "الفتح" [١١/ ٣٣٨]، عقب ما نقلنا عنه سابقًا: "وقد رجَحَ لى أنهما حديثان وإن اتحد مخرجهما عن قتادة عن أنس، ومتنهما في كون معاذ رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ للاختلاف فيما وردا فيه ... " .. =