قلتُ: وهذا إسناد صالح إلا أنه معلول؛ قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا سلام أبو المنذر" كذا قال، فإن كان يريد بهذا: أنه لم يروه عن ثابت موصولًا أحد يعتد به إلا سلام أبو المنذر، فهو كما قال، وإلا فقد رواه جماعة آخرون عن ثابت به. . . منهم: ١ - جعفر بن سلميان الضبعى عند النسائي [٣٩٤٠]، والحاكم [٢/ ١٧٤]، وأبى عوانة [رقم ٣٢٦٢]، - معلقًا - ومؤمل بن إيهاب في جزئه [رقم ١٧]، والدارقطنى في "الأفراد" [رقم/ ٦٦٩ أطرافه]، وغيرهم من طريق سيار بن حاتم عن جعفر به. قلتُ: وهذه متابعة لا تثبت أصلًا، قال الدارقطنى: "غريب من حديث جعفر عنه - يعنى عن ثابت - تفرد به سيار بن حاتم عنه" وسيار هذا ليس ممن يقبل منهم التفرد عن الثقات بمثل هذه المرفوعات. وحسبه أن يقبل منه الحكايات والأقاصيص وأخبار الزهاد والمتقشفين ونحو هذا الضرب عن كل أحد سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا هو الذي كان يُحسنه سيار لشغفه به. وكلام النقاد فيه معروف، وقد فصلناه في غير هذا المكان. ولو صح الطريق إلى جعفر - وهو لا يصح - لما صلح لمثل الحاكم أن يجازف كعادته ويقول عقب روايته: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وما درى أن مسلمًا لم يخرج في "صحيحه" لسيار شيئًا ولا في المنام، ثم لو ثبت أن سيارًا من رجال مسلم - وهو لم يثبت - لم يكن هذا دليلًا على صحة كون الإسناد على شرط مسلم حتى يكون مسلم قد أخرج تلك الترجمة بعينها: "عن سيار عن جعفر عن ثبات عن أنس. ." محتجًا بها في "صحيحه". ثم لو صح أن الحديث على شرط مسلم - وهذا من الأساطير - لما كان الحديث صحيحًا؛ لأن جعفرًا قد تكلم بعض النقاد في روايته عن ثابت البنانى خاصة، وقد خولف في وصله؛ خالفه من هو أوثق منه وأثبت عشرين مرة، كما سبأتى. =