للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قلتُ: أما إعلال قتيبة - وهو ابن سعيد - فهو روايته هذا الحديث عن الليث عن عقيل عن الزهرى به مرسلًا، كما يأتى.
وأما إعلال ابن أعين، فلم أقف عليه بعد، وقال ابن أبى حاتم في العلل [رقم ٢٢٥٦]: "وسمعت أحمد بن سلمة النيسابورى يقول: ذاكرتُ أبا زرعة بحديث رواه قبيصة بن عقبة عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالدلجة؛ فإن الأرض تطوى بالليل" الحديث .... فقال: أعرفه من حديث رويم بن يزيد عن الليث هكذا، فمن رواه عن قبيصة؟! فقلت: حدثنى محمد بن أسلم عن قبيصة هكذا، فقال: محمد بن أسلم ثقة".
قلتُ: وسكت أبو زرعة، كأنه ليس عنده فيه شئ، ثم قال أحمد بن سلمة: (فذاكرت به مسلم بن الحجاج فقال: أخرج إليَّ عبد الملك بن شعيب بن الليث - وهو ثقة فقيه كأبيه وجده - كتاب جده - يعنى الليث - فرأيت في كتاب الليث على ما رواه قتيبة، قال أبو الفضل - يعنى أحمد بن سلمة الحافظ - حدّثنا قتيبة عن الليث عن عقيل عن الزهرى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالدلجة ... الحديث".
قلتُ: فهذا نص قاطع في كون المحفوظ في هذا الحديث عن الليث هو الإرسال، فهكذا رآه أبو الحسين النيسابورى، بعينىْ رأسه في كتاب الليث مرسلًا، والكتاب أثبت من الحفظ؛ إذ الذاكرة قد تخون؛ وقد جرت عادة القدماء من أئمة هذا الشأن: على أنهم: إن رأوا خطأ في رواية بعض النقلة طالبوه بإخراج أصله حتى ينظروا فيه، فإن وجدوا الحديث فيه على الجادة، غمزوه وتكلموا في حفظه، وإن رأوا الحديث في أصله على الخطأ، أمسكوا عنه - غالبًا - لاحتمال أن يكون الخطأ ممن فوقه وليس منه، وكثيرًا ما كانوا يتحاكمون عن مظنة الخطأ - إلى أصولهم وكتبهم المصونة من أوهام وأخطاء الحافظة البشرية، والأمثلة عندى كثيرة في هذا الصدد؛ فالحاصل: أن المحفوظ في هذا الحديث عن الليث هو الإرسال، فهكذا هو في أصل كتاب الليث مرسلًا، وتأيد ذلك بكون قتيبة بن سعيد قد رواه عن الليث أيضًا عن الزهرى به مرسلًا، وتابعه على الإرسال أيضًا: كاتب الليث عن الليث عن الزهرى به ... عند الطحاوى في "المشكل" [١/ ٦٤].
ومع كل هذا الوضوح: إلا أن الإمام في "الصحيحة" [٢/ ٢٩٨]، أبى لنفسه إلا مناهضة القدماء على طريقة الاغترار بظواهر الأسانيد وعدالة الرواة، فقال بعد أن ذكر إعلال النقاد لهذا الحديث بالإرسال: " .... لكن اتفاق قبيصة ورويم على وصله عن الليث، لا يجعلنا نطمئن =

<<  <  ج: ص:  >  >>