للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ألا يدرى الإمام أن الكذاب هو المخبر بخلاف الواقع، وهذا يشمل المتعمد والمخطئ؛ كما أن المخطئ قد يكون ضعيفًا أو صدوقًا أو ثقة أو إمامًا حافظًا؟! فأيش الغرابة والعجب من وصف الحديث الذي أخطأ فيه بعض هؤلاء سندًا أو متنًا بكونه (خطأ لا أصله له) إذ إنه ليس له وجود في الواقع أصلًا أليس الثقة قد يشبه له فيروى موضوعًا أو يحدث بباطل.
واخيبتاه إذا كان مثلى يستدرك على الإمام مثل تلك الغفلة العظيمة، والأمثلة التطبيقية على ما مضى من كلام المتقدمين من النقاد: كثيرة منشورة في بطون كتب السؤالات والعلل والتخاريج، وحسبى منها مثالًا واحدًا: في كونهم قد يطلقون على الرواية الخطأ: عبارات شديدة؛ اشتهر عند المتأخرين عدم إطلاقها إلا على روايات الكذابين ومحترفى وضع الأخبار، مع أن حذاق الصنعة من المتقدمين ما كانوا ينظرون إلى حال صاحب الرواية بقدر نظرهم واهتمامهم بالرواية نفسها من حيث الاستقامة أو الاعوجاج، فرُبَّ رواية يصفونها بالنكارة أو البطلان أو الكذب، ويكون المتفرد بها ثقة مشهورًا، أو حافظ معروفا، وهم يعرفون ذلك جيدًا؛ غير أنه لا يمنعهم ذلك من الحكم على روايته التى أخطأ فيها بحسب مقدار خطئه، هذا عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: شهد يحيى بن معين كما في "علله" [٣/ ١٥]، ورجل يقول له: (تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الجبائر،؟!) فقال ابن معين: "باطل ما حدث به معمر قط، عليَّ بدنة مقلدة مجلَّلة إن كان معمر حدث بهذا قط، هذا باطل، ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم" ثم سأل ابن معين الحاضرين وقال: (مَنْ حدث بهذا عن عبد الرزاق؟! قالوا له: فلان، فقال: لا واللَّه، ما حدث به معمر، وعليَّ حجة من هاهنا - يعنى المسجد - إلى مكة إن كان معمر حدث بهذا).
قلتُ: وفلان هذا الذي حدَّث عن عبد الرزاق بهذا: هو شيخ الإسلام وحافظ نيسابور محمد بن يحيى الذهلى كما ذكره الحافظ ابن رجب في "شرح العلل" [ص ٣٢١/ طبعة السامرائى]، نقلًا عن "العلل" لعبد الله بن أحمد؛ وأشار إلى أنه وقع في بعض نسخ "العلل" أنهم ذكروا لابن معين (محمد بن يحيى الذهلى) لما سألهم عمن حدث به عن عبد الرزاق، وثناء ابن معين على صاحب الزهرى معروف مشهور؛ فانظر كيف حكم على روايته بالبطلان، وأنكرها إنكارًا شديدًا، بل ويقول: (ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم) مع كونه كان يُعظَّم =

<<  <  ج: ص:  >  >>