وعود على بدء فنقول: فقول الإمام الألبانى في تتمة تعجُّبه وتعقبه لأبى حاتم الرازى في قوله على هذا الحديث: "كذب؛ لا أصل له" إذ قال: "وليس في متنه ما يستنكر فضلًا عن أن يكذب، وله من الطرق والشواهد، وجريان عمل السلف عليه؛ ما يقطع الواقف على ذلك أن الحديث صحيح له أصل أصيل، .. ". قلتُ: عفا الله عن الإمام، فما هذا مراد أبى حاتم الرازى أصلًا، هو لا ينفى صحة الحديث فضلًا عن أن يصرح بكونه لا أصل له، وإنما الظاهر من قوله: "كذب لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به؛ كتبت عنه" يعنى أن الحديث لا أصل له من طريق محمد بن الصلت عن أبى خالد الأحمر عن حميد الطويل عن أنس، أو أنه لا أصل له من روايه أبى خالد الأحمر عن حميد به ... فإما أنه يحمل على من دون محمد بن الصلت في سنده، أو أنه يحمل على ابن الصلت نفسه؛ كونه وهم على أبى خالد الأحمر في هذا الحديث، ومثل صنيع أبى حاتم هنا: فعله ابن معين كما مضى نقله عنه لما سئل عن رواية عبد الله بن عون الخراز عن محمد بن بشر عن مسعر عن قتادة عن أنس قال: (قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تورمت قدماه .... إلخ). فقال ابن معين: "الشيخ صدوق، والحديث لا أصل له" فلا يتصور أن يكون الحديث بهذا المتن لا أصل له عند ابن معين، كيف وهو حديث ثابت من طرق بأسانيد ثابتة، وإنما يريد ابن معين: =