وربما كان أيوب قد سمع الحديث من (عمرو بن سعيد) عن أنس؛ ثم طال عليه الأمد؛ ونسى من حدثه به، فجعل يرسله عن أنس، فقد قال يزيد بن الهيثم الدقاق المعروف بـ (ابن طهمان): "سمعت يحيى بن معين سئل عن أحاديث أيوب، اختلاف ابن علية وحماد بن زيد، فقال: إن أيوب كان يحفظ، وربما نسى الشئ" نقله عنه ابن رجب في "شرح العلل" وفالط معلقًا على قول ابن معين: (فنسب الاختلاف إلى أيوب). * والحاصل: أن هذا الحديث سمعه أيوب من عمرو بن سعيد عن أنس به ... كما مضى، وعمرو بن سعيد هذا هو القرشى أبو سعيد البصرى الثقة المشهور، وليس هو بالخولانى المجروح، والله المستعان. • تنبيه: وقع في طريق ابن علية عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس .... عند مسلم وجماعة في آخر الحديث فوله: (قال عمرو - يعنى ابن سعيد - فلما توفى إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن إبراهيم ابنى، وإنه مات في الثدى، وإن له لظئرين تكملان رضعه في الجنة) فهأه الجملة من مراسيل عمرو بن سعيد كما ترى، هو معدود من طبقة (صغار التابعين) وقد أدرجها بعضهم سهوًا في سياق حديث أنس، فصارت كأنها موصولة، كما تراه عند أبى نعيم في "المعرفة" [رقم ٦٨٠]. والمحفوظ أن تلك الجملة: من مراسيل عمرو بن سعيد كما وقع جليًا عند مسلم والمؤلف وجماعة ممن روى هذا الحديث من طريق ابن علبة عن أيوب. ويوضح هذا جدًّا: كون ابن سعد قد روى تلك الجملة وحدها في "الطبقات" [١/ ١٣٩]، فقال: (أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدى - هو ابن علية - عن أيوب عن عمرو بن سعيد قال: لما توفى إبراهيم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... ) وساقها، وهذا مما يقطع قول كل خطبب، وليس يثبت لتلك الجملة شاهد نحوها نظيف الإسناد، والثابت في هذا الباب: قاصر عن الشهادة، كمثل حديث البراء بن عازب عند البخارى [١٣١٦]، وجماعة كثيرة مرفوعًا: (لما توفى إبراهيم - عليه السلام - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن له مرضعًا في الجنة) وقد مضى تخريج هذا الحديث عند المؤلف [برقم ١٦٩٦]، والله المستعان لا رب سواه ..