للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبى عثمان، قال: صلى أنس بن مالك في مسجد بنى رفاعة ها هنا، فأمر رجلًا من أصحابه أن يؤذن، فصلى بهم الصبح، فلمًا أن فرغ من صلاته أقبل على القوم، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى بأصحابه أقبل على القوم، فقال: "اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَمَلٍ يُخْزِينِى، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى يُطْغِينِى، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَاحِبٍ يُرْدِينِى، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَمْرٍ يُلْهِينِى، اللَّهُمَّ إنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فَقْرٍ يُنْسِينِى.


= قلتُ: ومن طريق طالوت بن عباد عن بكر بن خنيس بإسناده به ... أخرجه أيضًا ابن السنى في "اليوم والليلة" [رقم ١٢٠]، وهذه المتابعة فاسدة، ولا يصلح للبوصيرى ولا غيره أن يتعقب بها الطبراني. وبكر بن خنيس قد أفسدها بوجوده فيها، وبه أعل الهيثمى في "المجمع" [١٠/ ١٤٥]، طريق البزار، وقال: "فيه بكر بن خنيس، وهو متروك، وقد وثق" وهو كما قال، فقد تركه الدارقطنى وجماعة؛ وضعفه سائر النقاد، اللهم إلا أن بعضهم تساهل بشأنه، والرجل واه كما قال الذهبى في "الكاشف" ولا يعجبنى قول الحافظ منه بـ "التقريب": "صدوق له أغلاط.
أفرط فيه ابن حبان" كذا، وكأنه لهذا تسمَّح في حكمه على هذا الحديث في "نتائج الأفكار" [٢/ ٢٩٩]، فقال بعد أن ساق طريقيه الماضيين: "وعقبة - يعنى الرفاعى الأصم - شبيه ببكر - يعنى ابن خنيس - في الضعف، ولكن اتفاق روايتهما تُرَقِّى الحديث إلى درجة الضعيف الذي يعمل به في الفضائل".
قلتُ: لا واللَّه، ولا اتفاق عشرة من أمثال بكر وعقبة عليه؛ بجَاعِلِه يرقى من نكارة سنده إلى الضعف المطلَق، على أن الضعيف يُهْمَل ولا به يُعْمَل، وَلا فَرَق في ذلك بين الفضائل والأحكام، فالكل دين نابع من أصل واحد، فدع عنك أيها المسترشد تلك التفرقة التى تسلَّط بها جماعة على حشد كل ضعيف ومنكر في الأدعية والأذكار ونحوهما من أبواب الخير؛ بحجة أن الضعيف معمول به في الفضائل دون الأحكام، وهذه دعوى بلا برهان، ولقد أتعب نفسه من حاول استخراج صحتها؛ مما لا يخرج إلا بشقِّ الأنفس، وقد بسطنا الكلام على درء تلك الدعوى في مقام آخر.
والحديث منكر الإسناد ولا بد، والجعد أبو عثمان هو الجعد بن دينار، ويقال: ابن عثمان اليشكرى الثقة المشهور برواية الكبار عنه أمثال شعبة والحمادين ومعمر وأبى عوانة وابن عليّة وعبد الوارث وخلق؛ فأين كانوا - أو بعضهم - من ذاك الحديث الفائدة؟! فاللَّه المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>