قلتُ: وهذا إسناد لا يثبت؛ عليّ بن الحسين مختلف فيه، وأبوه فيه كلام يسير، ومطر الوراق هو ابن طهمان؛ وهو مختلف فيه أيضًا، وليس بالقوى في حفظه، بل كان كثير الخطأ كما نص عليه الحافظ في ترجمته من "التقريب" وأم السائب لما أعرفها الآن، ومطهر بن الحكم هو الكرابيسى، روى عنه جماعة؛ ولم أر من وثقه أو ترجمه. وللحديث طريق آخر يرويه هشام الدستوائى عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن امرأة دخلت على عائشة وبيدها عكاز؛ فقالت: ما هذا؟! فقالت: لهذه الوزغ؛ لأن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - حدّثنا أنه لم يكن شئ إلا يطفئ على إبراهيم - عليه السلام - إلا هذه الدابة؛ فأمرنا بقتلها ونهى عن قتل الحيات إلا ذا الطفيتين والأبتر؛ فإنهما يطمسان البصر، ويسقطان ما فى بطون النساء) أخرجه النسائي [٢٨٣١]، بإسناد مستقيم إلى هشام به ... قال الإمام في "الصحيحة" [رقم ١٥٨١]: "هذا إسناد صحيح إن كان سعيد بن المسيب سمعه من عائشة؛ وإلا فإن ظاهره أنه من مراسيله". قلتُ: وفيه علة أخرى، وهى أن قتادة لم يذكر سماعًا من ابن المسيب فيه، وتدليسه عن ابن المسيب غريب جدًّا، فكان ربما أدخل بينه وبينه عشرة رجال كلهم لا يعرفون، كما قاله الإمام أحمد، وعنه العلائى في "جامع التحصيل" [ص ٢٥٥]، وقال القاضى إسماعيل الجهضمى في "أحكام القرآن" كما في "التهذيب" [٨/ ٣٥٥]: "سمعت عليّ بن المدينى يضعف أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب تضعيفًا شديدًا، وقال: أحسب أن أكثرها بين قتادة وسعيد فيها رجال". قلتُ: وقد خولف فيه قتادة أيضًا، كما بسطناه في (غرس الأشجار). • والحاصل: أن جملة الأمر بقتل الوزغ مع كونها كانت تنفخ النار على إبراهيم - عليه السلام - ثابتة صحيحة عن جماعة من الصحابة؛ منها حديث أم شريك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على إبراهيم - عليه السلام - أخرجه البخارى [٣١٨٠]، وجماعة كثيرة بهذا اللفظ، وهو عند مسلم [٢٢٣٧]، وجماعة كثيرة نحوه دون شطره الثاني، =