قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وحسنه السيوطي بهذا اللفظ كما نقله عنه الشوكاني في "النيل" [٩/ ١٣٤]، وليس هو كما قال هذا أو ذاك؛ لأن مدار الحديث على عباد بن أبي على، ولم يوثقه أحد أصلًا، اللَّهم إلا أن ابن حبان قد أدرجه في "ثقاته"، على عادته في توثيق من لا يدرى من أمثال تلك الطبقة، وقد قال ابن القطان الفاسى عن عباد: "لم تثبت عدالته" كما نقله عنه "صاحب الميزان" [٢/ ٣٧٠]، وقال الحافظ في "تقريبه": "مقبول" يعنى إذا توبع، وقد ساق له الذهبي هذا الحديث في ترجمته من "الميزان" ثم قال: (هذا حديث منكر) وأراه كما قال، وآفته عباد هذا؛ لأن من فوقه ودونه ثقات. فإن قيل: قد توبع عباد عليه، تابعه هشام بن حسان عن أبي حازم مولى أبي رهم الغفاري عن أبي هريرة مرفوعًا: (ويل للأمراء! ليتمنين أقوام أنهم كانوا معلقين بذوائبهم بالثريا، وأنهم لم يكونوا ولوا شيئًا قط) أخرجه ابن حبان [٤٤٨٣]، من طريق موسى بن أعين عن معمر عن هشام به. قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، إلا أنه معلول، فقد خولف فيه موسى بن أعين؛ خالفه عبد الرزاق - وهو أثبت منه لاسيما في معمر - فرواه عن معمر فقال: عن معمر عن صاحب له أن أبا هريرة قال: (ويل للأمناء، ويل للعرفاء ... ) وساقه به نحوه ... فجعله من رواية معمرٌ عن أبي هريرة بواسطة صاحب له لم يسم - ولا تنسى أن أبا هارون العبدي وأبان بن أبي عياش ومطر الوراق وعثمان بن زفر وخصيف بن عبد الرحمن وغيرهم من أصحاب معمر أيضًا فلعل هذا المبهم أحدهم - بل وأوقفه على أبي هريرة، هكذا أخرجه عبد الرزاق [٢٠٦٦٠]، وهذا هو الأشبه عن معمر في إسناده. نعم: لشطره الثاني: (ليتمنين أقوام ... إلخ) طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعًا به ... عند أحمد والحاكم والبزار [٢/ رقم ١٦٤٣/ كشف]، وغيرهم بإسناد صالح. • تنبيه مهم: عزا الإمام في "الصحيحة" [٦/ ٢٣٥/ رقم ٢٦٢٠]، حديث عباد بن أبي عليّ عن أبي حازم عن أبي هريرة به ... إلى الحاكم وابن حبان وأحمد وغيرهم كلهم من طريق هشام بن حسان عن عباد به ... هكذا قال: (هشام بن حسان) وقد وهم في ذلك ولا بد؛ لأن هشامًا الذي يروى هذا الحديث=