للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتُوبِى إلَيْهِ فقلت لأبى: تكلم، فقال: بم أتكلم؟ فقلت لأمى: تكلمى، فقالت: بم أتكلم؟ فحمدتُ الله وأثنيت عليه، ثم قلت: والله، لئن قلت: قد فعلت، والله يعلم ما فعلت، لتقولن: قد أقرت، ولئن قلت: ما فعلت - واللَّه يعلم ما فعلت - لتقولن: كذبت، فما أجد لى ولكم مثلًا، إلا ما قال العبد الصالح - فنسيت اسمه - فقلت: أبو يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨]، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جارية نوبية، فقال: "يَا فُلانَةُ، مَاذَا تَعْلَمِينَ مِنْ عَائِشَةَ؟ " فقالت: والله، ما أعلم علي عائشةً عيبًا، إلا أنها تنام، وتدخل الداجن فتأكل خميرها وحصيرها، فلما فطنتْ لما يريد، قالت: واللَّه، ما أعلم من عائشة إلا ما يعلم الصائغ من التبر الأحمر! فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر، فقال: "أَشِيرُوا عَلَيَّ يَا مَعْشر المسْلِمِينَ، في قَوْمٍ أَبَنُوا أَهْلِى، وَايْمُ الله، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ؟ وَاللَّهِ، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سَوْءٍ قَطُّ، وَمَا دَخَلَ بَيْتِى إلا وَأَنَا شَاهِدٌ، وَلا سَافَرْتُ إلا وَهُوَ مَعِى فقال سعد بن معاذ: أرى يا رسول الله، أن تضرب أعناقهم، فقام رجالٌ من الخزرج، فقالوا: واللَّه لو كانوا من رهطك الأوس، ما أمرت بضرب أعناقهم، حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج كونٌ، ونزل الوحى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت عائشة: فما سرى عنه حتى رأيت السرور بين عينيه، فقال: "أَبْشِرِى يا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ"، فقال أبواى: قومى، فقبِّلى رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أحمد الله، لا إياكما، وتلا عليهم القرآن، {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)} [النور: ١١]، {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)} [النور: ١٢]، كان ممن تولى كبره حسان بن ثابتٍ، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، وكان يُتحدث به عند عبد الله بن أبيّ، فيسمعه، ويستوشيه، ويذيعه، وكان حسان بن ثابت إذا سب عند عائشة، قالت: لا تسبوا حسان، فإنه كان يكافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تقول: أي عذابٍ أعظم من ذهاب عينيه؟! وقال الذي قيل له ما قيل: واللَّه،

<<  <  ج: ص:  >  >>