قلتُ: وقد توبع زهير على هذا الوجه: تابعه جماعة عن أبى إسحاق به ... وخالفهم آخرون، واختلف في سنده على أبى إسحاق على ألوان كثيرة، حتى وصفه الترمذى وغيره بالاضطراب، وهى دعوى مردودة بلا تردد، بل للحُفَّاظ في هذا الحديث مسالك للترجيح. ١ - فذهب الترمذى وأبو زرعة وصاحبه وغيرهم: إلى أن الصواب في هذا الحديث: هو ما رواه إسرائيل وغيره عن أبى إسحاق عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه به. ٢ - وذهب البخارى والعقيلى وغيرهما إلى أن الأصح في هذا الحديث: هو ما رواه زهير بن معاوية وغيره عن أبى إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود به. وهذا الوجه: هو الذي نصره الحافظ في "الفتح" [١/ ٣٤٨]، والأولى عندى: أن الوجهين جميعًا محفوظان عن أبى إسحاق، كما شرحناه شرحًا وافيًا في كتابنا: "غرس الأشجار" ... ورددنا هناك على من أعله بتدليس أبى إسحاق، أو باختلاطه، وذكرنا شواهده وأحاديث الباب. والله المستعان. • تنبيه: قوله هنا في حديث الليث: (ولا تقربنى حائلًا ولا رجعيًا) فالحائل: هو العظم كما فسره الليث نفسه عند المؤلف [برقم ٥١٨٤]، ويشهد لتلك الفقرة حديث أبى هريرة عند البخارى [١٥٤، ٣٦٤٧]، وجماعة، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ابغنى حجارًا أستنفض بها، ولا تأتنى بعظم ولا روث). وأما الزيادة في آخره عند جماعة منهم المؤلف كما يأتى [برقم ٥١٨٤]، وهى: (ثم توضأ فقام يصلى؛ فرأيته كلما ركع حنا، يعنى طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه) لفظ المؤلف؛ فهى زيادة ضعيفة من هذا الوجه، تفرد بها الليث بن أبى سليم في هذا الحديث، وقد رواه جماعة عن عبد الرحمن بن الأسود فلم يذكروها، لكن قضية التطبيق ثابتة من طرق أخرى عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا. وقد خرجناها في "غرس الأشجار" ولله الحمد.