قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [٣/ ٢٥]، بعد أن عزاه للطيالسى وابن منيع قال: "بسند ضعيف". قلتُ: وعلة ضعفه أن أبا عبيدة قد شهد على نفسه أنه لم يسمع من أبيه، وبهذا أعله الهيثمى في "المجمع" [٣/ ٤٠٦]، والمسعودى: وإن كان قد اختلط قبل موته؛ إلا أن عمرو بن الهيثم أبا قطن قد رواه عنه عند أحمد؛ وكذا رواه عنه عبد الله بن رجاء بن عمر عند الطبراني؛ وكلا الرجلين قد سمع منه قبل اختلاطه بدهر، كما نص عليه العراقى في "التقييد والإيضاح" [ص ٤٥٤]. فالآفة: إنما هي الانقطاع كما مضى؛ ثم رأيت ابن رجب في كتابه "لطائف المعارف" [ص ٢١٨]، قد ذكر أن يعقوب بن شيبة الحافظ قد أخرج هذا الحديث في "مسنده" من الطريق الماضى، ثم قال: "صالح الإسناد" ونقل عن ذلك ابن عساكر أيضًا في "تاريخه" [٢١/ ٢٥١]، ولفظه: "إسناد كوفى صالح". قلتُ: وهذا على مذهبه في تصحيح رواية أبى عبيدة عن أبيه، مع الإقرار بعدم سماعه منه، وذلك لمعرفة أبى عبيدة بحديث أبيه؛ وأنه إنما أخذ أخبار أبيه عن أهل بيته من الثقات ... وهذا المذهب حكاه بعضهم عن ابن المدينى وغيره، وفيه نظر شديد، قد بسطناه في غير هذا المكان، وأشرنا إليه مرارًا، وقد ألزمنا القائلين بذلك بما لا قبل لهم به أصلًا، وحررنا في ذلك بحثًا لا يزال حبيس الأدراج لدينا، وقد انفصلنا فيه: على ضعف رواية أبى عبيدة عن أبيه، وأنها كرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، وإبراهيم بن جرير البجلى عن أبيه، وعبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه، وغير هؤلاء، وللمرفوع من الحديث شاهد: يرويه يزيد بن كيسان عن أبى حازم الأشجعى عن أبى هريرة قال: (كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا ليلة القدر،=