قال النسائي: "أبو حريز ليس بالقوى، واسمه عبد الله بن حسين قاضى سجستان، وهذا حديث منكر" وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن جبير إلا أبو حريز". قلتُ: وأبو حريز هذا مختلف فيه، ضعفه جماعة، ووثقه آخرون، ويقرب حاله من قول الحافظ عنه بـ "التقريب": "صدوق يخطئ" وهو عندى إلى الضعف أقرب، وكان ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه كما أشار إلى ذلك ابن عدي في "الكامل" وأنكر عليه هذا الحديث، وساقه له في ترجمته [٤/ ١٥٩ - ١٦٠]، مع جملة أخرى من غرائبه، ثم قال: "وهذه الأحاديث عن معتمر عن فضيل عن أبي حريز التى ذكرتها: عامتها مما لا يتابع عليه" وقد مضى أن النسائي قد أنكره عليه أيضًا. وفي الإسناد علة أخرى، وهى أن فضيل بن ميسرة وإن كان شيخًا صدوقًا؛ إلا أن روايته مغموزة عن أبي حريز خاصة، فقد صح عن يحيى القطان أنه قال: "قلت للفضيل بن ميسرة: أحاديث أبي حريز؟! قال: سمعتها فذهب كتابى؛ فأخذتها بعد ذلك من إنسان" كذا أخذها من (إنسان)! وما إنسان؟! ولسنا نأمن أن يكون هذا الإنسان قد تصرَّف في ذلك الكتاب، فزاد فيه أو بدل، ومع هاتين العلتين؛ فقد جود الحافظ إسناد هذا الحديث في "الأمالى المطلقة" [ص ١٤١]، وحسنه الهيثمي في "المجمع" [٣/ ٤٣٧]، وقبله حسن سنده: المنذرى في "الترغيب" [٢/ ٦٩]، وقد ناقشناهم في "غرس الأشجار". ومن طريق معتمر بن سليمان بإسناده به ... أخرجه أيضًا الطبري في "تهذيب الآثار" [رقم ٨٤٦]، والفاكهى في "أخبار مكة" [رقم ٢٧١٠]، وللحديث طريقان آخران عن ابن عمر به نحوه .. ، وسندهما واه، وهما مخرجان في المصدر المشار إليه؛ وهو حديث ضعيف بهذا اللفظ.