قلتُ: وهو كما قال؛ وإنما كان الموقوف أصح لأمرين: الأمر الأول: أن عثمان بن أبى زرعة قد خولف في رفعه، خالفه الليث بن أبى سليم، فرواه عن مهاجر الشامى قال: قال ابن عمر: (من لبس رداء شهرة أو ثوب شهرة ألبسه الله نارًا يوم القيامة) هكذا رواه موقوفًا على ابن عمر قوله، أخرجه ابن أبى شيبة [٢٥٢٦٦]، بإسناد صحيح إلى الليث به .. ورواه الليث مرة أخرى؛ فأبهم شيخه، وقال: عن رجل عن ابن عمر به ... ، أخرجه عبد الرزاق [١٩٩٧٩]، بإسناد ثابت إلى الليث به. فإن قيل: هذه مخالفة لا قيمة لها، والليث ضعيف مختلط مضطرب الحديث، ومتى قدمنا روايته - وهو المجروح - على رواية عثمان بن أبى زرعة - وهو الثقة المأمون - فقد أخسرنا في الميزان، وأخَّرنا من حقه التقديم، وقدمنا من وجب له التأخير، وهذا مسلك مهجور، فأيش هذا؟! قلنا: بل من مشى على تقديم رواية المقبول حديثه في الجملة؛ على المردود حديثه في الجملة دون تقييد! فلم يفقه تصرفات حذاق نقاد الصنعة في هذا الفن، ولم يخبر دقيق مسالكهم في نقد الأخبار والأسانيد، بل وجدناهم ربما يقدمون رواية الضعيف على الثقة إذا خالفه في متن حديث؛ أو إسناد خبر، وما ذلك إلا لقرائن تظهر لهم؛ وتنقدح في صدورهم، مما يقتضى ذلك دون أن توجب أن يكون ذلك الضعيف - الذي قدم قوله - قد صار ثقة، أو مقبول الرواية، أو يكون ذلك الثقة - الذي رد قوله - قد نزل عن رتبته، أو صار مردود لرواية، بل لا يزال الضعيف ضعيفًا وإن رجحنا روايته على من فوقه؛ وكذا لا يزال الثقة ثقة وإن تركنا روايته التى غلط فيها، وشرح ذلك هنا ليس من شرطنا، وإن كان قد مضى أمثلة لما سبق ذكره: تجدها في تعليقنا على الحديث الماضى [برقم ٤٦٩٠] و [رقم ٣٩٩٢]، وقد استوفينا أمثله ذلك مع تقرير هذا الأمر الدقيق في مكان آخر. =