والأمر الثاني: أن أبا عوانة الوضاح اليشكرى: قد روى هذا الحديث عن سليمان بن أبى سليمان الشيبانى عن رجل قال: (رأى ابن عمر على ابنه ثوبًا قبيحًا دونًا؛ فقال: لا تلبس هذا؛ فإن هذا ثوب شهرة) أخرجه ابن أبى الدنيا في "التواضع والخمول" [رقم ٦٧]، وفى "إصلاح المال" [رقم ٤٠٤]. ورجاله ثقات أئمة؛ سوى ذلك الرجل الذي لم يسم، وربما كان مهاجرًا الشامى، فإن ثبت هذا؛ تأيد وقف الحديث بلا امتراء، وقد مضى أن الليث بن أبى سليم قد رواه عن رجل عن ابن عمر به ... فإن يكن ذلك الرجل مهاجرًا الشامى؛ فقد مضى ما يؤيده من كون الليث قد رواه مرة أخرى وسمى هذا المبهم بكونه (مهاجرًا) وإن يكن غيره من مشيخته؛ فقد أفادنا طريقًا آخر عن ابن عمر به موقوفًا، وأيده طريق سليمان الشيبانى الماضى، وإن كان سياقه أقل منه لفظًا، أشبه بالإشارة مع قصة في أوله. • فالحاصل: أن هذين الأمرين مع تصحيح أبى حاتم الرازى لوقف الحديث؛ لا نرتاب بعد هذا في ضعف الوجه المرفوع هنا، ونراه غلطًا من عثمان بن أبى زرعة أو مهاجر الشامى، فلا مانع من أن يكون مهاجر قد اضطرب في وقفه ورفعه، وروى الوقف من غير طريقه عن ابن عمر به ... فقدح ذلك في نفس أبى أبى حاتم أن يكون الموقوف أصح من المرفوع، ولم يخالف أبو حاتم في حكمه من قبل أمثاله من حذاق المحدثين من متقدمى أئمة هذا الفن .. هذا ما عندى ... واللَّه المستعان.