للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= • والحاصل: أن الليث بن أبى سليم وإن كان ضعيف الحديث قولًا واحدًا عندنا، إلا أن روايته الموقوفة هنا، مقدمة على رواية عثمان بن أبى زرعة - وهو الثقة الصدوق - المرفوعة، وذلك لكون الحديث قد روى من غير وجه عن ابن عمر به موقوفًا عليه قوله، كما يأتى، وكأنه لاشتهار وقف الحديث؛ جزم أبو حاتم بكونه هو الأصح من المرفوع، ولا يعترض على أبى حاتم في هذا الأمر، إلا من جهل مقامه في دقائق علل الأحاديث، فينبغى التسليم له فيما يقول؛ اللَّهم إلا أن يأتى المعارض بقول إمام حاذق؛ يرجح فيه الوجه المرفوع أو يصححه، وهيهات أن يجد هذا، وإحسان الظن بمن حسن هذا الوجه المرفوع أو صححه؛ محمله يكون على كونه لم يطلع على من وقفه عن ابن عمر قوله، ولا وقف على تصحيح أبى حاتم لوقفه، هذا ظننا بأهل العلم ممن حسن رأيه في سند الحديث فقبله؛ ومشى على ظاهر سنده.
والأمر الثاني: أن أبا عوانة الوضاح اليشكرى: قد روى هذا الحديث عن سليمان بن أبى سليمان الشيبانى عن رجل قال: (رأى ابن عمر على ابنه ثوبًا قبيحًا دونًا؛ فقال: لا تلبس هذا؛ فإن هذا ثوب شهرة) أخرجه ابن أبى الدنيا في "التواضع والخمول" [رقم ٦٧]، وفى "إصلاح المال" [رقم ٤٠٤].
ورجاله ثقات أئمة؛ سوى ذلك الرجل الذي لم يسم، وربما كان مهاجرًا الشامى، فإن ثبت هذا؛ تأيد وقف الحديث بلا امتراء، وقد مضى أن الليث بن أبى سليم قد رواه عن رجل عن ابن عمر به ... فإن يكن ذلك الرجل مهاجرًا الشامى؛ فقد مضى ما يؤيده من كون الليث قد رواه مرة أخرى وسمى هذا المبهم بكونه (مهاجرًا) وإن يكن غيره من مشيخته؛ فقد أفادنا طريقًا آخر عن ابن عمر به موقوفًا، وأيده طريق سليمان الشيبانى الماضى، وإن كان سياقه أقل منه لفظًا، أشبه بالإشارة مع قصة في أوله.
• فالحاصل: أن هذين الأمرين مع تصحيح أبى حاتم الرازى لوقف الحديث؛ لا نرتاب بعد هذا في ضعف الوجه المرفوع هنا، ونراه غلطًا من عثمان بن أبى زرعة أو مهاجر الشامى، فلا مانع من أن يكون مهاجر قد اضطرب في وقفه ورفعه، وروى الوقف من غير طريقه عن ابن عمر به ... فقدح ذلك في نفس أبى أبى حاتم أن يكون الموقوف أصح من المرفوع، ولم يخالف أبو حاتم في حكمه من قبل أمثاله من حذاق المحدثين من متقدمى أئمة هذا الفن .. هذا ما عندى ... واللَّه المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>