ومعاذ كانت له أوهام معروفة؛ فلعله غلط في سنده، وقلب العنعنة سماعًا، والحاصل: أن يحيى لم يسمع من أبى سلام قط؛ إلا أن روايته عنه مستقيمة؛ لكونها وجادة ثابتة، وهى معمول بها عند جمهور المحدثين بشروطها. وعليه: يكون سند الحديث ظاهره الصحة، وهو كذلك؛ لولا أن هشام الدستوائى قد اختلف عليه فيه، فرواه عنه ابنه معاذ وأبو داود الطيالسى ويزيد بن هارون وعبد الصمد بن عبد الوارث وغيرهم على الوجه الماضى؛ وخالفهم أبو أسامة حماد بن أسامة، فرواه عن هشام فقال: عن يحيى بن أبى كثير عن الحكم بن ميناء عن ابن عباس وابن عمر به نحوه ... ، وأسقط منه (أبا سلام). هكذا أخرجه ابن ماجه [٧٩٤]، والوجه الأول أصح عن هشام؛ وحماد وإن كان إمامًا متقنًا حجة؛ إلا أن جماعة من النقاد قد حكوا أنه كان قد دفن كتبه، وكان يستعير كتب الناس يحدث منها، ولم يكن بالمعصوم من الغلط، فالظاهر أنه وهم فيه ولم يجوده، ومن حفظ من الثقات الأثبات حجة على من لم يحفظ. نعم: قد اختلف في سنده على بن أبى كثير على ألوان كثيرة يطول لها العجب، يأتى بعضها [برقم ٥٧٦٥، ٥٧٦٦]، وقد استوفينا تخريجها في "غرس الأشجار" وحاولنا هناك الترجيح بينها بما لا يخلو من بعض تكلف، إلا أنه أهون من دعوى الاضطراب التى جزم بها الإمام في "الصحيحة" [رقم ٢٩٦٧]. والحديث صحيح على كل حال: فقد توبع ابن أبى كثير على الوجه الماضى عن أبى سلام به ... تابعه زيد بن سلام الثقة المشهور، إلا أنه قال: (عن الحكم عن ابن عمر وأبى هريرة به ... ) فذكر (أبا هريرة) بدل: (ابن عباس)، هكذا أخرجه مسلم [٨٦٥]، والدارمى [١٥٧٠]، والطبرانى في "الأوسط" [١/ رقم ٤٠٦]، وفى "مسند الشاميين" [٤/ ٢٨٦٥]، والبيهقى في=