قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، إلا أنه معلول، فقد خولف فيه الفريابى، خالفه الحميدى - وهو أثبت منه في ابن عيينة - فرواه عن سفيان فقال: عن الزهرى عمن سمع أبا هريرة به ... ، وأبهم الواسطة بين الزهرى وأبى هريرة، هكذا أخرجه الحميدى في "مسنده" [١١٨٠]، وتوبع على هذا الوجه عن سفيان: تابعه سعيد بن منصور وغيره، كما قاله الدارقطنى في "العلل" [٧/ ٣٠٥]، وزاد: "ولا يصح عن سعيد بن المسيب". يعنى أن المحفوظ عن ابن عيينة هو ما رواه عنه الحميدى وغيره؛ وهو الصواب؛ ثم ذكر الدارقطنى أن يونس الأيلى رواه عن الزهرى فقال: عن طارق عن [بالأصل: (بن) وهو تصحيف] سعد عن أبى هريرة به ... ، وهذا الوجه: أخرجه الخطيب في "تاريخه" [٩/ ٣٤٧]، بإسناد فيه نظر إلى يونس به ... ، فهذان لونان من الاختلاف على الزهرى في سنده، ولون ثالث، فرواه إسماعيل بن أبى خالد عن زياد مولى بنى مخزوم - وهو شيخ مغمور مختلف فيه، - عن الزهرى عن أبى هريرة به، هكذا أخرجه وكيع كما ذكره ابن القيم في "حادى الأرواح" [ص ١١٣]. والمحفوظ عن الزهرى ما رواه ابن عيينة من رواية الحميدى وغيره عنه؛ لكن للحديث طرق أخرى ثابتة عن أبى هريرة به. منها: ما رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة به مثله .. أخرجه البخارى [٤٥٩٩]، والحميدى [١١٣١]، ومن طريقه البيهقى في "البعث والنشور" [رقم ٢٥٧]، وابن حبان [٧٤١١]، وغيرهم؛ وهو عند مسلم [٢٨٢٦]، وأحمد [٢/ ٢٥٧]، والخطيب في "المتفق والمفترق" [رقم ١٦١٥]، وغيرهم من هذا الطريق أيضًا، لكن دون قراءة الآية في آخره، والله المستعان.