وعثمان الوقاصى قد تركوه، بل كذبه ابن معين، وهو من رجال الترمذى وحده، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه عليه حماد بن يحيى الأبح عن الزهرى بإسناده به نحوه ... عند ابن عدى في "الكامل" [٢/ ٢٤٦]، وأبى إسماعيل الهروى في "ذم الكلام" [٢/ رقم ٢٥٢]، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" [٢/ رقم ١٠٣٢]، وعنه ابن حزم في "الإحكام" [٦/ ٢٢٠]، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" [١/ رقم ٤٦٥]، وغيرهم من طرق عن جبارة بن المغلس عن حماد به. قلتُ: وهذا إسناد ساقط جدًّا، وجُبَارة يحتاج جُبَارة، وهو ضعيف عندهم، إلا من شذ، وكان يروى مناكيره، وبواطيل وأحاديث كذب وكل شئ، حتى ورد عن ابن معين أنه كذبه، إلا أن التحقيق أنه لم يكن كذابًا أصلًا، إنما أتى من سوء حفظه وغفلة كانت فيه، وهو من رجال ابن ماجه وحده، وهذا الحديث قد أنكره عليه الإمام أحمد جدًّا، كما نقله عنه ابن قدامة في منتخب علل الخلال [ق ١/ ٢٠٠]، كما في "الضعيفة" [رقم ٣٤٠٩]، وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" [١/ ٤٧٠]: (عرضت على أبى أحاديث سمعتها من جبارة الكوفى، فقال: في بعضها: هي موضوعة، أو هي كذب) ثم ساق منها هذا الحديث، فالحديث من منكرات جبارة، وبه أعله ابن الملقن في "تذكرة المحتاج" [١/ ٧١]، وشيخه (حماد بن يحيى الأبح) مختلف فيه، ولا أراه يحتمل مثل هذا. وقد أغرب أبو أحمد الجرجانى! وساق الحديث في ترجمة يحيى هذا من "الكامل" وكان الأولى به أن يورده في ترجمة (جبارة بن المغلس) ويحيى برئ منه كما قد علمت سابقًا .. والحديث ضَعَّفه غير واحد من المتأخرين، حتى نقل المناوى في "الفيض" [٣/ ٢٥٦]، عن الولى ابن العراقى أنه قال: "لا ينبغى الجزم بهذا الحديث؛ فإنه ضعيف".