قلتُ: كأنه يفرق بينهما، وليس بشئ، بل هذا هو ذاك، ولم يفرق بينهما أحد - أعلمه - قبل ابن حبان، بل جمعهما البخارى وجميع من ترجم له في ترجمة واحدة، والزبير هذا على ضعفه: كان ينفرد بمناكير عن الثقات وغيرهم أيضا، فقال أبو داود: "في حديثه نكارة" وقال ابن أبى خيثمة: (يروى عن ابن المنكدر مناكير) وكذا أنكر عليه العجلى حديثًا رواه في الطلاق. وبهذا الشيخ: أعله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" [٣/ ١٩٣]، وسبقه إلى ذلك: ابن الجوزى كما مضى، لكن أنكر الحافظ عليه: التعلق بالزبير في الحكم على الحديث بالوضع، فقال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" [٢/ ٣٥٩]: (رأيت بخط الحافظ ابن حجر على هامش "تلخيص الموضوعات" لابن درباس، ما نصه: الزبير بن سعيد لم يتهم؛ فكيف يحكم على حديثه بالوضع؟!). قلتُ: ليس هذا بلازم، فقد يروى الثقة الموضوع، يشبه له، فكيف بمن في حفظه كلام؟! فكيف بمن اختلف في جرحه وتعديله؟! فكيف بمن يكون الجمهور على تضعيفه مع وقوع المناكير في حديثه؟! أمثال الزبير بن سعيد هنا؟! نعم: الأولى هي الحكم على الحديث بـ (النكارة) و (الضعف الشديد) دون الوضع، وقد رأيت الذهبى أخرج الحديث في "تذكرة الحفاط" [٣/ ٩٨٧]، ثم قال: "هذا حديث منكر، والزبير ضعيف". والعلة الثانية: هي الانقطاع بين عبد الحميد بن سالم وأبى هريرة، فقد مضى أن البخارى قد قال عقب رويته: "لا نعرف سماعه من أبى هريرة" قاله في ترجمة (عبد الحميد) من "تاريخه"؛ وقال العقيلى بعد أن ساق الحديث في ترجمة: (عبد الحميد) من "الضعفاء": (ليس له أصل عن ثقة) وكذا علق ابن عدى: هذا الحديث في ترجمة (عبد الحميد) من "الكامل" [٥/ ٣٢٠] =