وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد". قلتُ: والصواب أنه حديث ضعيف غريب لا يثبت، مداره على مسور الحميرى وأمه، وهما طيران غريبان لا يعرفان. وبهما أعله ابن الجوزى عقب روايته فقال: "مساور مجهول، وأمه مجهولة" وكذا جهل الحافظ "مساورًا" في "التقريب" وقال عن أمه: "لا يعرف حالها! ". وقد أورده الذهبى مساورًا هذا في "الميزان" [٦/ ٤٠٤]، وقال: "فيه جهالة، والخبر منكر" رواه أبو نصر عبد الله الضبى". وقد ظن الإمام في "الضعيفة" [رقم ١٤٢٦]، أن قول الذهبى: "والخبر منكر" يعنى هذا الحديث، وليس كما حسب، بل هو يريد حديث مساور الآخر الذي رواه عن أمه عن أم سلمة مرفوعًا: (لا يحب عليًا منافق، ولا يبغضه مؤمن) أخرجه الترمذى وجماعة، وهو الحديث الآتى بعد هذا. ويؤيد أن هذا هو مراد الذهبى: كونه قد ساق الحديث المشار إليه في ترجمة (عبد الله بن عبد الرحمن أبى نصر الأنصارى) من "الميزان" [٤/ ١٣٦ - ١٣٧/ الطبعة العلمية]، ثم قال: "قلتُ: هذا حديث منكر" وسيأتى الجواب عن دعوى نكارة هذا الحديث في الآتى. ثم جاء المناوى في "الفيض" [٣/ ١٣٨]، ونقل تصحيح الحاكم لهذا الحديث، ثم قال: (وأقره الذهبى) ثم لم يلبث أن قال في "التيسير بشرح الجامع الصغير" [١/ ٨٢٩/ طبعة مكتبة الشافعي]، بعد أن حكى تصحيح الحاكم قال: "وأقروه" هكذا يجازف هذا الرجل دائمًا، وينسب إلى البرآء ما ليس لهم، ولو شاححناه في إبراز البرهان على موافقة الذهبى وغيره للحاكم على تصحيح سند هذا الحديث؛ لضاقت عليه الأرض بما رحبت. وهو الذي فتح الأبواب الموصدة للتشنيع على إمام النقاد الشمس الذهبى في موافقته الحاكم على تصحيح تلك الأخبار التى قد نالها سهام نقده في مواضع أخرى من كتبه، حتى وصل التشنيع إلى حد الإزراء والتطاول على هذا الطود الشامخ، والذهبى قد برأ الله ساحته من كل هذا، وكتابه "تلخيص المستدرك" ما هو إلا نقد لطائفة من الأحاديث الباطلة المنكرة في "مستدرك الحاكم" وحسب؛ فلم يستوعب فيه نقده كله أصلًا، كما أشار هو نفسه إلى ذلك في ترجمة =