وهذا كله فيما لخصه الذهبى من "المستدرك" أما سائر الكتاب: فما للذهبى فيه ناقة أو جمل، وكان الجمال الزيلعى الحافظ النقاد - وهو من تلاميذ الذهبى - في مواضع من "نصب الراية" ينقل من "تلخيص الذهبى" فيقول بعد أن يذكر تصحيح الحاكم: "ولم يتعقبه الذهبى في مختصره" فانظر إلى دقة هذا النقاد وتحريه في تصرف شيخه في "مختصره"! فلم يكن كثير اللهج بتلك العبارة: "صححه الحاكم ووافقه الذهبى" التى لهج بها كل أحد في تلك الأزمان إلا ما شاء الله، حتى رأيت الإمام الألبانى في "الضعيفة" [٣/ ٦١٧]، عقب تخريجه هذا الحديث؛ وبعد بيانه لتناقض الذهبى بشأنه، حيث وافق الحاكم على تصحيحه، ثم جزم بنكارته في "الميزان"، قال الإمام: "فتأمل الفرق بين كلاميه - يعنى الذهبى - في الكتابين - يعنى "الميزان" و"تلخيص المستدرك" - والحق أن كتابه "التلخيص" فيه أوهام كثيرة، ليت أن بعض أهل الحديث على عزتهم في هذا العصر، يتبعها؛ إذًا لاستفاد الناس فوائده عظيمة، وعرفوا ضعف أحاديث كثيرة صُححت خطأ) ". قلتُ: وقد لبى جماعة من تلاميذ الإمام هذا النداء؛ ونهضوا إلى تحقيق هذا الرجاء، فقال المحدث أبو إسحاق الحوينى - وقل ما نقدم عليه أحدًا ممن أدركناه من حذاق تلك الصنعة - في "الناقلة" وهو بصدد التشنيع على البدر العينى لاحتجاجه بحديث صححه الحاكم: على صحة سماع أبى عبيدة من أبيه، قال: "ثم إنى جد متعجب من العينى - رحمه الله - كيف طابت نفسه باعتبار أن هذا الذي رواه الحاكم دليل على السماع مع كونه من العالمين - قطعًا - بكثرة أوهام الحاكم في "المستدرك"، والذهبى يتبعه في كثير من هذا الوهم؟! وهذا ما حدا بى - قديمًا - إلى تتبع ما وهم فيه الحاكم، وتبعه عليه الذهبى، وأظهرت وجه الصواب فيه، وسميته "إتحاف الناقم بوهم الذهبى والحاكم" قطعت فيه شوطًا لا بأس به ... " وقال في موضع آخر من "النافلة": =