قلت: هذا إسناد صالح إن شاء الله؛ ومحمد بن عمارة: شيخ مدنى مختلف فيه، لكنه متماسك صالح الحديث؛ وشيخه (محمد بن إبراهيم) هو ابن الحارث التيمى المدنى الثقة المشهور؛ أما (أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) فاسمها: "حميدة" كما وقع في سند ابن بشكوال؛ وبذلك جزم المزى والحافظ؛ ولم يرو عنها سوى (محمد بن إبراهيم) وحده، وقال عنها الحافظ "مقبولة" يعنى عند المتابعة، وقد جهلها الخطابى والنووى والمنذرى وجماعة من المتأخرين، وأعلوا هذا الحديث بها. ويرد عليهم: أن الإمام مالك بن أنس قد أخرج لها هذا الحديث في "موطئه" وقد عرف عنه شدة الحيطة في الرواية؛ والتثبت فيما يحتج به من أخبار؛ وليس مثله ممن يحتج بالمجاهيل والأغمار، بل كل من أخرج عنه في "موطئه" فهو ثقة رضى عنده؛ وإن ضعفه أو جهله غيره، وقد أخرج العقيلى في "الضعفاء" [١/ ١٤/ المقدمة]، وابن عبد البر في "التمهيد" [١/ ٦٨]، من طريقين عن بشر بن عمر الزهرانى الثقة المشهور قال: سألت مالك بن أنس عن رجل فقال: هل رأيته في كتبى؟!، قلتُ: لا، قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبى. وهذا شاد بين على المطلوب؛ ولذلك قال أبو بكر العربى عن هذا الحديث في "شرح الحديث": "هذا الحديث مما رواه مالك فصح؛ وإن كان غيره لم يره صحيحًا". قلت: وقد رأيت العقيلى قد علقه من طريق مالك في "الضعفاء" [٢/ ٢٥٦]، ثم قال: "وهذا إسناد صالح جيد" ولو كانت حميدة مجهولة عند العقيلى هو الآخر؛ لما جوَّد لها هذا الحديث، فانتبه. وللحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة دون لفظه هنا، إلا أنها بمعناها ... وقد خرجناها في "غرس الأشجار" والله المستعان.