قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة" [١/ ٨٢]: "هذا إسناد فيه مقال، مكحول الدمشقى مدلس، وقد رواه بالعنعنة، فوجب ترك حديثه، لا سيما وقد قال البخارى وأبو زرعة وهشام بن عمار وأبو مسهر وغيرهم: إنه لم يسمع من عنبسة بن أبى سفيان؛ فالإسناد منقطع ... ". قلتُ: وهو كما قال؛ إلا أنه لا يتابع على الإعلال بعنعنة مكحول أصلًا، لأن سلفه في وصفه بالتدليس هو ابن حبان وحده، وقد قال: "ربما دلس" يعنى أنه مقل من التدليس؛ فلا ينبغى الإعلال بعنعنة هذا الضرب من المدلسين على التحقيق؛ ومكحول ثقة إمام فقيه؛ وباقى رجال الإسناد ثقات أيضًا. وعلة هذا الإسناد: إنما هي من كون مكحول لم يثبت سماعه من عنبسة بن أبى سفيان، وقد نفاه كبار النقاد خلافًا لدحيم وبعض الشوام؛ ولا يقال هنا: المثبت مقدم على النافى؛ لأنه مع كون النافى أعلم وأكثر عددًا من المثبت؛ فإن مكحولًا كان كثير الإرسال، ولم يبت تصريحه بالسماع من عنبسة في هذا الحديث ولا غيره، بل كان بعضهم يدخل بينه وبين عنبسة واسطة، وهذا برهان أبى حاتم الرازى وغيره على كونه لم يسمع منه. فالحديث: معل بالانقطاع؛ وبهذا أعله البخارى كما نقله الترمذى عقب روايته في (عللَّه) ومثله أعله الطحاوى وغيره. =