نعم: قد أخرج مسلم [٦٠٦]، وأحمد [٥/ ٩١]، وأبو عوانة [١/ ٣٧٢]، وجماعة: هذا الحديث من رواية زهير بن معاوية عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: (كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه)، هذا سياق مسلم. قلتُ: وهذا اللفظ هو المحفوظ عن سماك مع رواية شعبة وحسب. فإن قيل: زهير بن معاوية لم يذكره أحد ممن سمع من سماك قبل أن يتلقَّن، فكيف قبلتم روايته دون شريك وأضرابه؟! قلنا: قد وقفنا على صحة رواية زهير بإخراج مسلم لها في "صحيحه" مع الاحتجاج بها، ولا يعني هذا أن يكون زهير قد سمع من سماك قديمًا، ولا يستطيع مجازف أن يثبت بهذا أن مسلمًا كان يرى أن زهيرًا سمع من سماك قبل تغيُّره الفاحش، فلذلك صحَّح له روايته عنه، فإن هذا بعيد عن التحقيق، كما بسطنا الكلام على تلكم القضية في مكان آخر. • وحاصل الأمر: أن مسلمًا قد كفانا مؤنة إعلال تلك الرواية الماضية - من طريق زهير عن سماك - بتغيُّر سماك وتلْقينه - بكونه قد اعتمدها في "صحيحه"، وهذا قد حال بيننا وبين ما درجنا عليه من إعلال كل حديث في الدنيا يرويه سماك ليس من رواية شعبة أو الثوري عنه، أو يكون مخرجًا في "صحيح مسلم"، ولو من غير رواية هذين عنه؛ لأن مسلمًا قد شرط على نفسه التزام الصحة فيما يُدخله في "صحيحه"، فما يكون عنده من رواية مدلس أو مختلط ونحوهما، فإنه محكوم بصحته وإن لم يذكر ذلك المدلس في حديثه سماعًا من شيخه، أو لم يكن حديث هذا المختلط من رواية من سمع منه قبل اختلاطه. ومحمل هذا كله: مردود إلى كون مسلم - كشيخه البخاري - قد اطلع على ما يفيد عدم تدليس ذلك المدلس في إسناد ما يرويه، مع اطلاعه أيضًا على كون هذا الحديث الذي رواه المختلط أو المتلفن: هو من صحيح حديثه الذي حفظه وأتقنه ولم يغلط فيه أو يتلقنه من بعضهم، وقد شرحنا طرفًا من هذا في مقدمة تخريجنا لذلك المسند الجليل .. فلْيراجع ثمَّة. وبعد اللتيا والتى: فالحديث صحيح ثابت بفقرته الأولى منه فقط. أما سائره: (وكان بلال ربما أخَّر الإقامة ... إلخ)، فلا يثبت من هذا الطريق؛ لكون سماك=