لكن يقول الحافظ في التفح [٦/ ٢٦١]: "أصحاب الأطراف ذكروا هذا الحديث في ترجمة بجالة بن عبدة عن عبد الرحمن بن عوف وليس بجيد". قلتُ: كذا قال، وقبل ذلك قال: "فيه - يعنى: في الحديث - رواية عمر بن عبد الرحمن بن عوف، وبذلك وقع التصريح في رواية الترمذى، ولفظه: (فجائنا كتاب عمر: انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية؛ فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرنى ... فذكره". قلتُ: وهذا مستند الحافظ في ذلك، والحق أن الأول هو المحفوظ، وأن بجالة يرويه عن ابن عوف، وليس من رواية عمر عنه إن شاء الله. والطريق الذي وقع فيه تصريح عمر بسماعه من ابن عوف: فإنما أخرجه الترمذى [١٥٨٦]، وكذا الدارقطنى في "سننه" [٢/ ١٥٥]، كلاهما من طريق أبى معاوية الضرير عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن دينار عن بجالة به ... فالحجاج كثير الخطأ والتدليس على إمامته، فمثله يسهل عليه أن يقلب الإسناد رأسًا على عقب فضلًا عن أن يخطئ في شئ منه، والراوى عنه أبو معاوية الضرير ثقة ثبت في حديث الأعمش، أما إذا بدا له أن يُحدث عن غير الأعمش: فإنه يأتى بالعجائب والغرائب مع مزيد تخليط، فلا يليق بمثل الحافظ - في نقده واطلاعه - الاحتجاج بتلك الطريق على إثبات سماع عمر لهذا الحديث من ابن عوف.=