ثم يجئ عطاء بن السائب إمام المختلطين - مع كونه ثقة - ويخالف هشامًا في وصله، فيقول: عن عبد الرحمن بن أبى نعم به مرسلًا بشطره الأخير فقط، هكذا أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب" [رقم ١٤٥١]، وقال الحافظ عقبه: "هذا مرسل حسن". قلتُ: بل هو منكر ولا بد، فقد رواه مسدد عن خالد الطحان عن عطاء بن السائب به .... والحافظ هو الذي ينقل في "تهذيبه" [٧/ ٢٠٦]، قول البخارى في "تاريخه": "قال على - يعنى: ابن المدينى -: سماع خالد بن عبد الله من عطاء بن السائب بآخرة" فإن كان الحافظ قصد بقوله: "هذا مرسل حسن" يعنى بتحسينه: متن الحديث. فهذا لا بأس به، وإن كان الحديث صحيحًا على التحقيق. لكن نقل المناوى في "الفيض" [٦/ ٣٣٥]، عن الحافظ أنه ضعَّف سند الحديث. • وهنا تنبيهان: الأول: لفظ الحديث كما مضى: "نُهِى عن عسب الفرس وقفيز الطحان" هكذا "نُهى" بالبناء للمفعول. لكن ذكره عبد الحق الإشبيلى في "أحكامه" كما في "نصب الراية" [٤/ ١٨٤]، من جهة الدارقطنى وقال فيه (نهى رسول الله ... ) هكذا بالبناء للفاعل، وهو عند الدارقطنى [٣/ ٤٧]، بالبناء للمفعول كما مضى. وقد أجاد ابن القطان في تعقب عبد الحق في ذلك كما في "نصب الراية" [٤/ ١٨٤]، فقال: "إنى تتبعته في كتاب الدارقطنى" من كل الروايات، فلم أجده إلا هكذا: "نُهِى عن عسب الفحل وقفيز الطحان مبنيّا للمفعول". ثم قعَّد ابن القطان قاعدة هامة فقال: "فإن قيل: لعله - يعنى عبد الحق - يعتقد ما يقوله الصحابى مرفوعًا - يعنى: له حكم الرفع بدلالة عبارته - قلتُ: إنما عليه أن ينقل لنا روايته لا رأيه، ولعلَّ مَنْ يبلغه يرى غير ما يراه من ذلك". قلتُ: كابن حزم وغيره - فإنما يقبل فيه فعله لا قوله. قلتُ: وهذا كلام جيد رائق جدًّا. والمذهب المختار أن ما كان من قول الصحابى مشعرًا بالرفع كقوله: "نُهى عن كذا" و "كنا نفعل .... " و "أمر بكذا" ونحو هذا فله حكم الرفع على التحقيق خلافًا لأبى محمد بن حزم وجماعة من الفقهاء، وقول أبى سعيد هنا له حكم الرفع =