للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرضت ليلة الإسراء أيضًا، وإما أن يكون في الإسراء فقط، فهو على الوجهين يدل على أن فرضها ليلة الإسراء ركعتان. وسيأتي ما جمع به ابن حجر -رحمه الله-، ويأتي حديث ابن عباس الثابت في صحيح مسلم بخلاف ما في هذه الرواية، من كون جميع الصلوات فرضت ركعتين. وقولها: (ركعتين) هكذا في جميع نسخ السنن التي بأيدينا ليس فيها تكرار ركعتين، وهو كذلك في إحدى روايات الحديث عند البخاري ومسلم، وفيهما أيضًا رواية بتكرار ركعتين ركعتين، وهي رواية المصنف الآتية وهي تفيد تعميم الحكم لكل واحد من الصلوات بهذه الصفة. واختلف العلماء في وقت فرضها ركعتين، فمنهم من قال: كان هذا قبل الإسراء، فإن الصلاة كانت مشروعة قبله بدليل ما تقدم من أنه صلى العشاء الأخيرة بمكة قبل الإسراء، ويبقى النظر في وقت إتمامها، فمنهم من قال: أتمّت ليلة الإسراء، فلما نزلت رخصة القصر ردت الرباعية إلى الأصل الأول، فكأنها أُقرَّت على حالها بهذا الإعتبار. ومنهم من قال: المراد بهذا الفرض ركعتين ليلة الإسراء، والتمام بعد الهجرة كما هو صريح في حديث عائشة المتقدم. ومن الحجة للقول الأول وهو: أن تمامها ليلة الإسراء؛ حديث ابن عباس في صحيح مسلم: فرضت الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين، وهو معارض لحديث عائشة السابق، اللهم إلا أن يحمل قوله على أن المراد بذلك، ما حصل بعد الإتمام المذكور في حديث عائشة المتقدم وحديث ابن عباس هذا. وقولها: (زيد في صلاة الحضر) بالبناء للمجهول، أي زاد الله في عدد ركعاتها على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيادة متحتمة، وأقرت صلاة السفر أي على عددها ركعتين على ما كان فرضها السابق، إما أن يكون ذلك باعتبار أنها لما رخص فيها -قال النووي: لمن شاء- صارت بتلك الرخصة كأنها ردت إلى أصلها الأول، فعبّر عن ذلك بإقرارها على حالها، وبهذا جمع ابن حجر فإنه قال: إن فرضها ركعتين ليلة الإسراء وزيادتها بعد الهجرة على مقتضى حديث عائشة، فلما ردت بالرخصة إلى الركعتين صار ذلك كأنه إقرار لها على حالها. وإما أن يكون المراد أن الزيادة في الأصل لم تتناول حالة السفر وهذا تأويل من أوجب القصر ومنع إتمام الصلاة للمسافر، وظاهر الإطلاق يشمل الصبح والمغرب ولكن تقدم استثناؤها من حديث عائشة المتقدم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>