صار الظل مثليه، (ثم صلى المغرب لوقتها الأول) يعني أنه لم يؤخرها لوقتها بالأمس، (ثم صلى العشاء حين ذهبت ساعة من الليل) يعني أنه أخرها عن وقتها الأول، (ثم قال) يعني جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (الصلاة) أي: وقت الصلاة فيما بين وقت صلاتك بالأمس ووقت صلاتك اليوم، يعني أن الوقت موسع عليك في أدائها، وهذا لا ينافي فضيلة أول الوقت كما سنبينه إن شاء الله. و (أمس) بالبناء على الكسر لأنه أراد به اليوم بعينه.
• الأحكام والفوائد
قوله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم) تقدم أنه محمول على أنه حكى ما خاطب به الناس عند نزول جبريل، وذلك صبيحة الإسراء إلا أنه قال ذلك حينما سمع أبو هريرة الحديث، لأن ذلك بعد المسألة بزمن. وفيه دليل: على تسمية الصلاة دينًا لأنها من أهم أسس الدين، وفيه أن من علّم شخصًا بواسطة غيره يكون معلمًا له، لأنه علّمهم بواسطة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقدم أن ظاهره يدل على أن أول صلاة صلاها به الصبح، وهذا مخالف لسائر روايات الحديث لأنها متفقة على أن أول ما صلى به الظهر، ولذا سميت الأولى، فيحمل على أن أبا هريرة لم يقصد الترتيب، وإنما قصد بيان الأوقات من غير اعتبار للأولية، والحامل على ذلك الجمع بين الروايات. وفيه دليل على أن أول وقت الصلاة أفضل، لأنه صلى الأوقات أول يوم في أوائل الأوقات، وهذا يدل على أن ذلك أفضل ثم بيّن وقت الجواز في اليوم الثاني، فدل ذلك على أن الأفضل في الصلاة تعجيلها في أول الوقت، إلا ما خصّه الدليل على القول بأنه أفضل، كالإبراد بالظهر وتأخير العشاء. وتقدم أن بعض العلماء استدل بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - مقتديًا بجبريل والناس يقتدون به؛ بجواز الإقتداء بالمتنفل للمفترض، وتقدم أنه غير مسلم أن الصلاة كانت نفلًا على جبريل، فلا يتم الإستدلال بذلك. أما الإقتداء بالمقتدي فلا يتم أيضًا الإستدلال بالحديث عليه، لأنه مبني على أن الإِمام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتدٍ بجبريل، وهذا على فرض أنه هو الإمام لا يصح الإستدلال به؛ لأنه مسألة خاصة للتعليم مع احتمال أن جبريل هو الإِمام والنبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغ، وهذا هو ظاهر الأحاديث أن الناس اقتدوا بجبريل وهم لا يرونه، ومن الجائز أن يكون في صورة إنسان قد