للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأوه ساعة الصلاة، وليس في الحديث ما ينفي ذلك، وغاية ما في الأمر أن يكون المأمومون لا يرون الإِمام ويرون المبلغ، وهذا متفق على جوازه. والحديث دليل على فضل الصلاة وعظم شأنها وعناية الرب بها، حيث لم يقتصر في بيانها على الكلام حتى بُيّنت بالفعل، وكذلك دلَّ قوله: يعلمكم دينكم -والمراد الصلاة: على أهم أمور الدين على المسلمين، وتقدم أنها الفارق بين المسلم والكافر. وفيه: دليل على توسعة الله لهذه الأمة في أمور الدين، وعلى أن للصلاة وقتًا موسعًا فيه في كل الأوقات ما عدا المغرب- على الخلاف فيها، وذلك لا ينافي أفضلية أول الوقت على آخره لمن ليس معذورًا.

قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: (أجمعت الأمة على أن للصلاة وقتين: وقت سعة وسلامة ووقت ضيق ومعذرة. فأما وقت الضيق والمعذرة فيأتي إن شاء الله، وأما وقت الرفاهية والسعة فهو المبيَّن في هذه الأحاديث المذكورة أيضًا) يعني حديث ابن عباس في صلاة جبريل، وحديث بريدة في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للسائل عن الأوقات مثل فعل جبريل، وحديث أبي هريرة أن للصلاة أولًا وآخرا، ونحوها من الأحاديث. ثم قال: (فأما وقت الظهر فنحن بها نبدأ اقتداءً بجبريل -عليه السلام- في الإبتداء ببيان وقتها. فيدخل إذا زالت الشمس عن وسط السماء وأخذ الظل في الزيادة، وذلك أن الشمس إذا طلعت كان الظل طويلًا ثم ينتقص حتى تقف ثم تأخذ في الزيادة، فإذا أخذ في الزيادة فذلك الزوال ويحل حينئذٍ وقت الظهر، لا خلاف بين الأمة فيه، وهو الدلوك المذكور في القرآن في أصح القولين، ثم لا يزال وقتها الواسع ممتدًا حتى يصير ظل كل شيء مثله، فيخرج وقت الظهر ويدخل وقت العصر على تفصيل يأتي. قال: وبهذا قال جمهور الأئمة، إلا أنه روي عن أبي حنيفة في ذلك قولان ضعيفان أحدهما: أن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وحينئذٍ وقت العصر. الثاني: أنه إذا صار ظل كل شيء مثله خرج وقت الظهر، ولم يدخل وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليه. قال: فأما هذه فلا وجه لها، وأما الأولى فحجته: حديث ابن عمر المشهور في ضرب المثل للأمم، وفيه: أن اليهود عملوا إلى الظهر بقيراط، وعملت النصارى إلى العصر بقيراط،

<<  <  ج: ص:  >  >>