للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البدن طاهر، وقد تقدم ذلك في الطهارة. وفيه: أن النوم لا ينقض الوضوء، وهو عند الجمهور محمول على أن هذا النوم الذي حصل منهم لم يكن على الصفة التي تؤثر على اختلافهم فيها. وقد تقدم الكلام على نقض الوضوء بالنوم في باب الطهارة، ولكن سوف نشير إلى مهم المسألة وأقوال العلماء فيها هنا، لأنها مهمة جدًا، ففيه ستة أقوال: الأول: أن النوم لا ينقض الوضوء بكل حال، نسب لجماعة من أهل العلم منهم أبو موسى الأشعري وأبي مجلز لاحق به حميد وشعبة وحميد الأعرج. الثاني: عكسه وهو أن النوم ينقض مطلقًا على أي حال كان، وهو قول: الحسن البصري والمزني والقاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وبه قال ابن المنذر: وقول غريب عند الشافعية. الثالث: النوم الثقيل ينقض الوضوء على أي حال كان، لا عبرة إلا بثقله لأن النقض إنما هو بالخارج، فإذا وصل به النوم إلى حال يحتمل أنه يخرج منه شيء ولا يدري؛ انتقض وضوءه وإلا فلا، وحملوا ما ورد من هذا الحديث وأمثاله من السِّنة على النوم الخفيف، وهذا القول قول الزهري والأوزاعي وربيعة ومالك ورواية عن أحمد. الرابع: إذا نام ممكنًا مقعدته من الأرض لا ينتقض، وهو قول الشافعي. الخامس: إذا نام على هيئة من هيئات الصلاة كالقيام والركوع والسجود، لا ينتقض ولو كان خارج الصلاة، وهو قول أبي حنيفة وقول غريب في مذهب الشافعي، وبه قال داود. السادس: قول ضعيف يُنسب للشافعي أيضًا أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وله قول آخر غريب يُعد سابعًا: وهو أن النوم لا ينقض في الصلاة مطلقًا وينقض خارجها. وفي الحديث كما تقدم شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأمة، وفيه دليل على القاعدة المعروفة: وهي أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأن الأئمة ينبغي لهم مراعاة حال الناس في الأمور الجائزة، وتأثير الرفق بهم على ما يشق عليهم ولو كان أفضل.

٥٢٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخَّرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَامَ عُمَرُ - رضي الله عنه - فَنَادَى: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَقَدَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَاءُ يَقْطُرُ مِنْ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّهُ الْوَقْتُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي".

<<  <  ج: ص:  >  >>