للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الأحكام والفوائد

الحديث يدل على عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها ساعة قضاء حاجة الإنسان، وظاهره العموم في الصحراء والبناء إن حمل الذهاب على نفس الفعل الذي هو التغوط والبول, لأنه قد يراد به قصد الفعل، ويدل على العموم حديث الزهري الذي سيأتي وهو متفق عليه، بل أخرج عامة أهل أصول السنة ما يدل على ذلك، ويأتي بعده حديث عبد الله بن عمر وفيه ما يدل على الجواز وهو حديث متفق عليه أيضًا، وحديث عائشة لكنه معلول بأن عراك بن مالك لم يسمع منها، فهو مرسل بينهما عروة، وقيل عمرة، وكل منهما ثقة، وقال البخاري: الصواب عراك عن عروة أن عائشة، أي أنه موقوف عليها. وقال أحمد: إنه أحسن ما في الباب وإن كان مرسلًا.

قلت: لأن الساقط فيه إما عروة أو عمرة وكلاهما ثقة، ومثل هذا لا يضر في الإرسال.

وحديث أبي قتادة عند أحمد أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبول مستقبل القبلة، رواه الترمذي وضعفه بابن لهيعة، وكذلك رواه أحمد من طريق ابن لهيعة وهو ضعيف. وحديث مروان بن الأصفر وقول ابن عمر له: إنما نهى عن هذا في الفضاء إلخ، وهو حديث حسن كما قال ابن حجر. وحديث جابر بن عبد الله: (نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بفروجنا، ثم رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة). أخرجه أحمد والبزار وأبو داود والترمذي وابن الجارود وابن خزيمة وابن ماجه وابن حبان والحاكم والدارقطني وزاد ابن حبان: أو نستدبرها وصححه البخاري فيما نقله الترمذي عنه، وحسنه الترمذي والبزار وصححه ابن السكن، وتوقف فيه النووي لعنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد وغيره، فزال الإشكال واندفع ما يخشى من تدليس ابن إسحاق، وهو ثقة باتفاق إذا صرح بالسماع.

وقد ضعف ابن عبد البر هذا الحديث بدعوى أن أبان بن صالح ضعيف، قال ابن حجر -رحمه الله-: وقد وهم في ذلك فإنه ثقة باتفاق، وادعى ابن حزم أنه مجهول وهو باطل كما لا يخفى.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال محصلها ثمانية، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>