ذكرها الشوكاني -رحمه الله-. والذي يتلخص فيه القول خمسة أقوال كل منها من حيث النظر مقبول من جهة، وثلاثة ضعيفة بل ساقطة وسأذكرها مع بيان أدلتها إن شاء الله.
القول الأول: عدم الجواز مطلقًا لا في البنيان ولا في الصحراء، وهذا القول قول أبي أيوب ومجاهد والثوري والنخعي وأحمد في رواية وأبي ثور، ونسبه ابن حزم لأبي هريرة وابن مسعود وعطاء وسراقة بن مالك والأوزاعي، واختاره ابن العربي ورجحه الشوكاني.
احتج أهل هذا القول بأحاديث النهي التي تقدمت وما في معناها, لأن الأصل في النهي أن يكون للتحريم ولأن التعليل بتعظيم القبلة ظاهر، وإذا كان ذلك هو العلة استوت الصحراء والبنيان، لأن الحائل موجود بين الإنسان والقبلة ولابد من شجر أو حجر أو غير ذلك، فلا يتعقل وجه الفرق، ويعترض على هذا بالأحاديث التي يستدل بها أهل القول الثاني والثالث، وبعض أهل الأقوال الباقية، وهي خمسة أحاديث قد تقدم ذكرها، أصحها حديث ابن عمر وهو متفق عليه:(أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين .. ) إلخ. الذي يليه في الصحة حديث جابر عن عبد الله، وفيه التصريح بأن رؤيته له قبل موته بعام، وتقدم ما يدل على صحته، وقال الحاكم: على شرط مسلم، وتعقبه العيني بأن أبانًا لم يروِ له مسلم، وأن من طعن فيه لم يصب، كابن عبد البر في تضعيف أبان بن صالح وهو متفق على توثيقه، وكابن حزم الذي ادعى أنه مجهول.
الحديث الثالث -وهو يليهما في الصحة- حديث مروان بن الأصفر، وقد تقدم أنه حسن كما ذكرنا عن ابن حجر، أخرجه أبو داود وسكت عليه، قال ابن حجر في الفتح: أخرجه أبو داود والحاكم بسند حسن. الحديث الرابع: حديث أبي قتادة عند الترمذي وأحمد، من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف عند المحدثين:"أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة يبول". الخامس: حديث عائشة رواه أحمد وابن ماجه قالت: (ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم فقال: أوَ قد فعلوها، حوّلوا مقعدتي قبل القبلة)، وحسّن النووي في شرح مسلم إسناده، وقال الذهبي: إنه منكر.
القول الثاني: وهو أن ذلك جائز إذا كان في البنيان أو كان بينه وبين