للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإجماع. وقال بعضهم: إن الجواب في الآية قوله: (فذوقوا) لأنه بعد الحذف انتقلت الفاء إلى القول.

ومن أمثلته في اللغة: حديث بريرة في قوله -عليه الصلاة والسلام-: أما بعد، ما بال أقوام. . . . إلخ.

وقول عائشة في حديث المناسك: أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا. . . . إلخ أي فطافوا. وأكثر معانيها التفصيل، وهي مضمنة معنى الشرط وإفادتها التوكيد مع ذلك في الغالب.

وقوله: (أحدهما): أي أحد المقبورين وقوله: (فكان) الفاء واقعة في جواب أما، و (كان) أي: من عادة ذلك المذكور، وهو قوله: (لا يستنزه) وفي رواية: "لا يستتر" من بوله. والاستتار: استفعال من الستر، قيل المراد به: كشف العورة وعدم سترها، وهذا الوجه ضعيف لكونه يجعل علة العذاب كشف العورة، والأحاديث تدل على أن علة العذاب: التهاون بالبول وعدم التحفظ مما يصيب الثوب أو البدن منه، والتهاون بالطهارة يسبب فساد الصلاة، ولهذا جاء في حديث الدارقطني: "تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه"، ولابن خزيمة من حديث أبي هريرة وصححه: "أكثر عذاب القبر من البول". وإذا كان سبب العذاب كشف العورة؛ لم يبق لذكر البول فائدة في تخصيصه بسبب العذاب، ولا شك أن السياق يدل على أن البول له خصوصية في السبب، ويدل على ذلك قصة الإسرائيلي التي تقدم ذكرها، ورواية المصنف (يستنزه) أي: يتحفظ، وهي تدل على أن الوعيد على عدم التحفظ من البول وقوله: (يمشي بالنميمة) فعيلة من: نمّ الحديث ينُمه بالضم وينِمه بالكسر، وقيل: الضم في المتعدي والكسر في اللازم، وهي: نقل الحديث من شخص إلى آخر بقصد الإفساد والفتنة، ويقال لفاعلها: نمام وقتات، وكلٌّ ورد في الحديث، والغالب أن فاعل ذلك يخفيه، ويقال لوسوسة الصوت والكلام: نميمة؛ إذا كان خفيًا. قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الفقيه:

كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم ... ولامك أقوام ولومهم ظلم

ونمَّ عليك الكاشحون وقبلهم ... عليك الهوى قد نمَّ لو نفع النمُّ

فرتب على هذا الفعل الذميم عذاب القبر، لما فيه من توليد الفتنة والشر

<<  <  ج: ص:  >  >>