للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنيّة بالتشديد وحكى النووي فيها التخفيف والمعروف فيها التشديد لأنها من نوى ينوي إذا قصد فأصلها نوْية فقلبت الواو ياء على القاعدة المعروفة المشار إليها بقول ابن مالك -رحمه الله-:

إن يسكن السابق من واو ويا ... واتصلا ومن عروض عريا

فياء الواو اقلبن مدغما ... وشذ معطى غير ما تقدما

وأما دعوى بعضهم أنها من وَنى فبعيد لأن مصدر ونى يني يكون ونيًا كوعْدٍ ونظائره من المثالي والله أعلم.

فوجه التخفيف إنما هو حذف إحدى الياءين بعد الإِبدال والله أعلم.

وحقيقتها عند الأكثرين: قصد بالقلب وتوجهه إلى الفعل والعزيمة عليه، وبعض أهل العلم فرق بين القصد والنية بما حاصله تراخي الفعل عن العزم ومقارنته للقصد ولهذا قال القسطلاني في تعريفها وشرعًا أي: والنية شرعًا: قصد الشيء مقرونًا بفعله فإن تراخى عنه كان عزمًا.

والباء في قوله (بالنية) للمصاحبة فيقتضي ذلك اقترانها بالفعل كأنها من نفسه فيجب ألا تتخلف عن أوله وقيل سببية فكأنها سبب لإِيجاد الفعل على هذا الوجه ومقومة له. واستبعد العيني السببية وجوز الاستعانة ولم يبين وجه ذلك. وأل الأعمال تحتمل العهد الذهني كما تقدم وتحتمل الاستغراق وتخصيص ذلك بأعمال المكلفين من أهل الإِسلام من أجل الأدلة الدالة على أن أعمال الكفار غير مقبولة على كل حال وأل في النية يحتمل أن تكون عوضًا عن الضمير كما ذكر ابن حجر أي بنيتها ويحتمل أن تكون للعهد الذهني أي نية القربة.

قلت: التقدير الأول أولى فتكون عوضًا عن المضاف إليه، والله أعلم.

ولابد من تقدير مضاف محذوف يكون هو المخبر عنه به واختلفوا في تقديره فقدّره بعضهم صحة الأعمال، وقدّره بعضهم اعتبار الأعمال الشرعية، وبعضهم ثواب الأعمال، وبعضهم كمالها لأن ظاهر الحديث مطرح وهو اشتراط النية لإِيجاد العمل وهذا غير مراد قطعًا لأنه من المعلوم ضرورة وجود ذوات الأعمال دون النية وانفكاكها عنها فعلم أن المراد معنى زائد على وجودها ورجح كثير، أو الأكثرون أن تقديره: صحة الأعمال؛ لأن الصحة

<<  <  ج: ص:  >  >>