للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكثر لزومًا للحقيقة. قلت: والذي يظهر لي والله أعلم أن تقديره اعتبار الأعمال الشرعية أو حصول ثواب الأعمال الشرعية أولى لأنه قد يصح بعض الأعمال بدون نية كقضاء الدين أو أداء النفقة وهي أعمال شرعية تصح بدون النية لكن قد يتوقف اعتبار القربة وحصولها على النية، والله أعلم.

وقد اتفقوا على اشتراط النية في العبادات التي هي مقاصد، ولكن اختلفوا في التي هي وسائل، فقال بعضهم بعدم وجوبها فيها، وهو قول أبي حنيفة ورواية عن مالك، وقال قوم إنها تجب لها. وهذا سبب الاختلاف في اشتراط النية في الوضوء والطهارة فمذهب الجمهور الوجوب وهو ظاهر صنيع المصنف ومثله البخاري، رحمة الله على الجميع.

وقوله: (إنما) من حصر المسند أو حصر الصفة لأن المقصور عليه بإنما المؤخر وقوله: (لامرئ ما نوى) بكسر الراء اتباعًا للكسرة في الهمزة فإن هذا اللفظ إذا دخلت عليه همزة الوصل يعربونه من حرفين، الراء والهمزة تقول: هذا امرؤ، ورأيت أمرًا، ومررت بامرِئ.

وهي إحدى لغات ثلاث، والثانية: فتح الراء دائمًا كأصبع رفعًا ونصبًا وجرًا. والثالثة: ضمها دائمًا.

والمرء بدون همز الوصل مثلث الميم ولكن الفتح أقيس وسمع في لغة هذيل كسرها، قال أبو خراش:

جمعت أمورًا ينفد المرء بعضها ... من الحلم والمعروف والحسب الضخم

الرواية فيه بكسر الميم وهو لفظ لا يجمع جمع سلامة، وقيل: إنه سمع فيه مرؤن ولكنه يُثنَّى ويُصغَّر، والمرأة داخلة في اللفظ هنا إما على أنه يتناولها في الأصل على ما تقدم من أنه يشمل الذكر والأنثى، وإما بالتبع وكثيرًا ما ورد الخطاب بلفظ المذكر فيعم الإِناث إما لمكان كون الرجال قوامين عليهن أو للتغليب، والله أعلم، وقد تقدم في تفسير الآية الكلام على مثل هذا.

وقوله: (ما نوى) ما موصولة في محل رفع بالابتداء والخبر مقدم وهو قوله (لامرئ).

وقد اختلفوا في هذه الجملة فقيل: إنها محققة لمعنى الأولى فهي مؤكدة لها، وقيل: أفادت معنى آخر وهو أن الثواب على قدر النية لأن من الأعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>