للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الرحمن وسفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه ويحيى بن معين وأهل الكوفة.

قلت: وعن أحمد رواية بعدم النقض ورواية بالتفرقة بين العمد والخطأ وهما روايتان عن مالك إلا أن رواية التفرقة بين العمد والخطأ شاذة وهو قول مكحول وطاوس وحميد الطويل وسعيد بن جبير وقاسوه على لمس النساء، وروى عن ابن القاسم وسحنون أن من مس ذكره وصلى أعاد في الوقت، فأما حجة القائلين بالنقض فحديث بسرة وما في معناه من الأحاديث وقد تقدم الكلام على ذلك في تخريج الحديث وتقدم ما يتعلق به من ناحية الإِسناد وأنه ثابت صححه جماعة من الأئمة منهم أحمد وابن معين والترمذي والدارقطني وقد تقدم قول البخاري وابن معين والنسائي أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة وصحح أحمد أيضًا حديث أم حبيبة ذكر ذلك ابن العربي في العارضة وتقدم الكلام على الأحاديث الأخر عن أبي هريرة وغيره وقد عارضه حديث طلق بن علي الآتي وهو حجة القائلين بعدم النقض وقد صححه بعضهم وضعفه جماعة آخرون كما يأتي -إن شاء الله- وأجاب عنه الأولون بأن الخبرين إذا تعارضا يطلب الجمع بينهما فإن لم يمكن وعرف التاريخ قدم المتأخر لأنه يعتبر ناسخا للأول فإن لم يعلم تاريخهما وعرف تاريخ أحدهما عمل بالذي عرف تاريخه، فإن لم يعلم تاريخهما ولا أحدهما يصار إلى الترجيح كما هو مقرر في أصول الفقه والحديث، فأول المراتب هنا الجمع وهو هنا غير ممكن لمنافاة مدلول كل من الحديثين لمدلول الآخر اللهم إلا أن يحمل الأمر على الندب ولكن لا يساعد عليه قوله: "هل هو إلا بضعة منك". لأن مقتضاه أنه لا يلزم من مسه إلا ما يلزم من سائر البدن وليس يندب الوضوء من مس شيء من البدن، فالجمع وإن كان أولى -لأنه عمل بالنصين- هنا متعذر، وأما النسخ فهو الذي اعتمد عليه الأكثرون وقالوا إن إسلام طلق كان والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبني المسجد وذلك في السنة الأولى وبسرة أسلمت عام الفتح سنة ثمان فهي متأخرة الإِسلام وذلك يدل على أن روايتها بعد رواية طلق بن علي وكذلك حديث أبي هريرة فإن إسلامه سنة سبع عند فتح خيبر وذلك في شهر صفر منها، وإذا لم نعتبر الحديث ناسخًا للحديث فنعمل على الترجيح، وحديث بسرة أرجح من

<<  <  ج: ص:  >  >>